ملخص الجهاز:
"و لکن الذین یدعون لأنفسهم هذا المقام یقولون:بعد التقوی التامة، و اعراض القلب کلیا عن جمیع العوالم، و رفض النشأتین، و القضاء علی الانیة و الأنانیة، و التوجه التام و الاقبال الکلی علی الله و أسمائه و صفاته، و الاستغراق فی حب ذات الله المقدسة و حبه، و تحمل الریاضات القلبیة، عندئذ تحصل للسالک صفاء قلبی یستقبل به التجلیات الأسمائیة و الصفاتیة، و تنتهک الحجب السمیکة القائمة بین العبد و الأسماء و الصفات، فیفنی فیها، و یتعلق بعز قدسه و جلاله، و ینال التدلی الذاتی التام، و فی هذه الحالة لا یکون بین روح السالک المقدسة و الله تعالی حجاب سوی الأسماء و الصفات.
بل ان بعض أرباب السلوک قد تزال من أمامهم حجب الأسماء و الصفات النوریة لیصلوا الی التجلیات الذاتیة الغیبیة، و یروا أنفسهم متعلقین بالذات المقدسة، و یشهدون فی هذه المشاهدة احاطة قیومیة الله و فناءهم الذاتی، و یرون بالعیان وجودهم و وجود جمیع الکائنات ظلا لله تعالی، و لئن ثبت بالبرهان انه لیس بین الله و المخلوق الأول-المجرد من المادة و جمیع العلائق-أی حجاب، بل لا حجاب مطلقا لجمیع المجردات، بالبرهان، فان القلب الذی اتسع حتی أصبح یساوق آفاق الموجودات المجردة، بل ربما سما علیها، لن یکون أمامه حجاب، کما جاء فی حدیث«الکافی»الشریف و فی«التوحید»:«ان روح المؤمن لأشد اتصالا بروح الله من اتصال شعاع الشمس بها.
أما اذا کان من أهل الشقاء و الجحود و الکفر و الأعمال القبیحة و السیئة، ینکشف له نماذج من آثار غضب الله و قهره علی قدر حظه و ما اکتسب فی دار الدنیا، فتنقلب حاله و یستولی علیه الخوف الی درجة انه لن یجد أبغض الیه من تجلیات غضب الله، و علی قدر ذلک البغض و العداء یشتد علیه الأمر و یزداد الضغط و الظلام و العذاب، لا یعلم مداها إلا الله تعالی."