ملخص الجهاز:
"و تمیزت الریادة الثوریة الصدریة هذه بأنها ریادة الوعی البصیر العارف الذی أحاط بقضیته و هدفه و طریقه علما، و استغرق آماله الکبیرة تفاؤلا، و آلامه المتوقعة استعدادا و احتسابا، و جهوده المطلوبة عزما علی البذل، و احتراقه للشأن الکبیر فیه ثباتا ابراهیمیا، و طول المسیر مع المشاق الجسام صبرا محمدیا، و استدعاء المحن الفواقر لوازمها عند الثائرین شجاعة علویة، و ما انفک فی لهوات العناء الجائح صلدا کأنه الطود، آملا کأنه قد عاین حصول الأمر الرغیب للاسلام، أو أداء الوظیفة المفروضة بالجهاد، صابرا قد تجلبب الصبر درعا دون فت العادیات فی عضد الوقوف و الثبات، عاینته المحن و الآلام فهش لها و اتخذها سمیرا مؤنسا، و اشتجرت علیه ریاح الایذاء فسکن الیها ظلال جنة فیحاء، ودوت فی اذنه الرعود القاصفة للتبریح فأحالتها البینة من الأمر مع الصبر و الاحتساب أنغام وعود حالمه بالغلبة أو الشهادة، و اجاءته الصروف القاهرة مجعجعة الی السجون و الترهیب فحولها التأسی بالآباء الطاهرین قرناء القیود و الطوامیر محاریب عبادة، فیها ذوب العرفان، و سکینة الوجدان، و الفراغ المشغول بذکر الرحمن.
لقد أشرقت تلک المرجعیة بخصائص الزهد فی الدنیا، و الانصراف الی شأن الجهاد و اعلاء لواء الاسلام، و الاهتمام بشؤون القضیة الاسلامیة الکبری فی العالم عموما و فی العراق خصوصا، و التواضع الفرید الذی شهد له بأنه عظیم النفس، إذ هو یری ان الشخصیة الکبیرة إنما تعظم بشموخها الذاتی، و دواعی العظمة الواقعیة، بالعناوین و الألقاب و المظاهر، فکان أبغض شیء إلیه أن یری من مشاهد التعظیم له أو یسمع من کلماته، حتی انه کان یأبی أن یسجل علی کتبه التی یزهو بها الفخار توج بها رأسه غیر اسمه المجرد دون زوائد یراها لغوا فارغا تمقته نفسه العالیة المترفعة."