ملخص الجهاز:
"ولعل الأمر الذی یدعونا - أکثر من أی وقت مضی - إلی تعمیق أواصر الوحدة، والمحبة، والتعاون، والتضامن، ورص الصفوف، هو وجود جمیع تلک المشاجمیع والعقبات المتأصلة فی نفوسنا وواقعنا، التی نعتقد أنها تعوق مسار حرکتنا باتجاه الله أولا، ومن ثم باتجاه وحدتنا وتوحدنا ثانیا؛ لأننا - حقیقة - معنیون ومستهدفون بها أولا وأخیرا، وهی وجدت وانطلقت فی عاطفتنا وفکرنا وواقعنا، ولا نجد أن هناک إمکانیة لحلها والتخلص من أجوائها السلبیة الضاغطة حالیا، إلا بتعمیق الشعور النفسی بالتقریب الروحی والفکری بین المسلمین عربا وغیرهم، ومن ثم السعی الصادق والمخلص والدؤوب علی طریق تحقیق الأولویات الأساسیة وإنجازها، والضروریة لقضیة الوحدة والتضامن والتنسیق بین مختلف دوائر العمل العربی والإسلامی الراهن..
لقد أدت تلک المعوقات مجتمعة إلی إصابة المسلمین بعقدة "الإحساس بالحقارة والدونیة بین أمم العالم"، الأمر الذی أسهم لاحقا فی تکبیل إرادتهم، ورهن إمکاناتهم، وشلهم عن الحرکة والعطاء، وبالتالی انکفاء الأمة عن الإنتاج والإبداع، بل وحتی عن مجرد التأمل والتفکیر بتغییر الأوضاع المتردیة القائمة؛ لأن بناء الإنسان معنویا، وتقویة إرادته ووعیه الذاتی بالإسلام، وشعوره العمیق بهویته المفقودة - مع وجود مشروع هادف ومتکامل البنی والعناصر والإمکانات - هو الذی یشجمیع القاعدة الصلبة، والمرتکز التکوینی الحقیقی لإطلاق القدرات الکامنة للإنسان المسلم، وترکیز طاقاته باتجاه الفعل الخارجی المبدع، بعد تحریره من قیود الخوف الوهمی المصطنع والمضخم فی الدوائر الظالمة، وهذا ما یؤکد علیه إمامنا الخمینی+ فی نصوص کثیرة تفیض بمعانی النهضة الواعیة، وتکشف النقاب عن أهمیة الطاقة الروحیة الإنسانیة ودورها فی مواجهة تعقیدات الواقع وأزمات الحیاة الإسلامیة الراهنة، یقول+: "إن من أعظم الخیانات أن یجعلوا طاقتنا الإنسانیة متخلفة، ویحولوا دون إصلاحها ونموها"، وهذه هی مهمة الإسلام الأساسیة المتمثلة فی أنه "یربی الإنسان لیکون إنسانا فی جمیع الحالات"؛ لأن بناء الإنسان الصالح والواعی من الداخل هو الرکیزة الحقیقیة لبناء العالم الخارجی.."