ملخص الجهاز:
"فالبحث هو أنه هل یمکن الاستعانة بمصدر آخر لاستنباط الحکم الشرعی فی المسائل والموضوعات التی لم یرد حکمها فی القرآن والأخبار المنقولة عن النبی |؟ فهنا قال بعض المتکلمین بجواز استعمال القیاس والإجماع وغیرهما، وقال آخرون کالشیعة القائلین بوجود الإمام المعصوم بعد النبی |، بأنه یصل الدور حینئذ إلی قول الإمام المعصوم، فإن لـه من الاعتبار ما للقرآن وللنبی |، ولا حجیة ولا اعتبار للقیاس، وأن الإجماع فی حد ذاته لیس معتبرا، وإن کان لـه اعتبار فلجهة کشفه عن قول المعصوم.
ثم نقل الشیخ المفید عن الجاحظ وبعض المعتزلة اعتقادهم بأن النظام ساوی فی طعونه بین الصحابة، ورد قولـهم بأنه لا دلیل علی قولـه بهذه المساواة، فقام بتقسیم الصحابة الذین تعرض لـهم النظام إلی قسمین: القسم الأول رواة الأخبار من الصحابة، ولا خلاف بین المسلمین فی صحة ما نسبه النظام لـهؤلاء، کالقیاس والاجتهاد بالرأی، وتناقض الأحکام الصادرة عنهم، والعمل بالظن، والجهل بمعانی الآیات، فهو مجمع علیه([73])، ولکن افترق الناقلون لـهذه السیرة منهم إلی طریقین: الأول: ما سلکه بعض من أتباع هؤلاء الصحابة، فنقلوا هذه الآراء والسیر عنهم بعنوان المدح لـهم، وتمسکوا بها علی أساس أنها أصول وقواعد فی مذاهبهم، واستدلوا بها أیضا علی جواز الاختلاف بین المذاهب.
وعلی هذا احتمل تأثر النظام فی هذا القول بأهل الحدیث والظاهریة من أهل السنة، أو تأثره بالشیعة الإمامیة القائلین بعصمة الإمام فی بیان أحکام الشرع، وأنها کعصمة النبی |: "ثم قول آخر منسوب إلی النظام، أنه یری الحجة فی الأحکام بعد القرآن والحدیث هو أن تؤخذ من إمام معصوم، وإن صح ذلک عنه، فالنظام قد تبنی تماما موقف الشیعة الإمامیة، وتأثر فی ذلک بمتکلمهم الأکبر هشام بن الحکم"([108])."