ملخص الجهاز:
فهذه الرواية تدلّ على عدم الرجوع إلى السنّي من ناحيتين: الناحية الأولى: ما يكشفه فرض السائل ـ وهو عليّ بن أسباط الثقة ـ من أنّه فَقَد أحداً من الشيعة كي يرجع إليه، فإنّ هذا معناه أنه لو وجَدَ شيعيّاً يرجع إليه ويستفتيه لرجع إليه.
وقد قلنا غير مرّةٍ عن الاستدلال القرآني على حجِّية خبر الواحد أنّ الاجتهاد في ذلك الزمان وإنْ كان قريباً من الروايات، إلاّ أنّه كان يُعْمَل فيه الرأي والقياس والنظر والمناهج البحثية الخاصّة أيضاً، ولا سيَّما عند أهل السنّة في عصر الإمام الرضا، حيث كان فقهاء كبار لهم آراء قد ظهروا، كالشافعي ومالك وأبي حنيفة والأنصاري والشيباني وغيرهم، وفاقاً لرأي السيد الخميني( 446 ).
لهذا فالأفضل تغيير صيغة الإشكال إلى أنّه يُحْرَز التوافق بين الشيعة والسنّة في أكثر الأحكام، بمعنى أنّنا لو حَسَبنا في زماننا هذا الرأي الشيعي وما فيه من اختلافٍ بين الشيعة، وحَسَبنا الرأي السنّي وما فيه من اختلافٍ بين السنّة، فإنّ القضايا المشهورة عند السنّة، بحيث يأخذ بها الأغلب، وتكون في الوقت عينه ممّا لا يُحْرَز اتّفاق الرأي فيها مع الشيعة وعندهم، لن تكون هذه القضايا إلاّ يسيرةً، فكيف يجعل الأخذ بالمخالف أمارةً حينئذٍ؟!
الرواية الثانية: خبر أبي إسحاق الأَرَّجَاني، رفعه، قال: قال أبو عبد الله×: «أتدري لم أُمرتم بالأخذ بخلاف ما تقول العامّة؟»، فقلتُ: لا أدري، فقال: «إنّ عليّاً× لم يدِنْ الله بدينٍ إلاّ خالف عليه الأمّة إلى غيره، إرادةً لإبطال أمره، وكانوا يسألون أمير المؤمنين× عن الشيء الذي لا يعلمونه، فإذا أفتاهم جعلوا له ضدّاً من عندهم؛ ليلبسوا على الناس»( 448 ).
وهذا الخبر لا دلالة له في المقام، فإنّه: أوّلاً: يدلّ على عدم جواز التمسُّك بعروة غير أهل البيت، ونحن إنّما نرجع إلى المصادر السنّية لا للتمسُّك بعروتهم، بل للتمسُّك بأحاديث الرسول|؛ إذ من الواضح أنّ هذه الروايات تُؤخَذ طريقاً للوصول إلى أخبار النبيّ، ليكون التمسُّك بها.