خلاصة:
تتناول هذه الدّراسة جزئيّة من جزئيّات موضوع سدّ الذّرائع، والذي يشكّل قاعدة رئيسة من قواعد علم أصول الفقه الإسلاميّ . وهذه الجزئّية هي دراسة لمبدأ سدّ الذّرائع في المذهب الشّافعيّ تحديداً، وذلك بهدف تبيّن حقيقة موقف المذهب الشّافعيّ من هذه القاعدة الأصوليّة. وانتهجت الدّ راسة في سبيل ذلك المنهج الاستق رائيّ والتّحليليّ، كما انتهجت أسلوب المقارنة. وقد تطرّقت الدّراسة في سبيل تحقيق الهدف منها إلى محاور عدّة، تمثّلت في تعرّف حقيقة سدّ الذّرائع ومعانيه لغة واصطلاحا، ثمّ في تحرير محلّ النّزاع بين المذهب الشّافعيّ وغيره من المذاهب من خلال بيان أقسام سدّ الذّرائع بغية التّحقّق ممّا اشتهر عن
الشّافعيّة من منعهم سدّ الّذرائع بإطلاق. وقد توصّلت الدّراسة إلى نتائج عدّة؛ أهمّها: عدم صحّة ما نسب إلى المذهب الشّافعيّ من عدم القول بسدّ الذّرائع، بل إنّه يأخذ بهذا المبدأ في شتّى أبواب الفقه، إلا أنّ هذه القاعدة لم يتحقّق مناطها عندهم في بعض الحالات دون بعض؛ بحيث منعوا منها في تلك الحالات. ثمّ إنّ هذه النتيجة تؤكّدها نصوصهم النّظريّة والقواعد والتّطبيقات الفقهيّة، وقد خصّص لها محور مستقلّ في الدّراسة يعنى ببيانها. وقد أظهرت الدّراسة عدم صحّة القول أنّ المذهب الشّافعيّ غير آخذ بمبدأ سدّ الذّرائع، وأنّ المسألة لا تعدو أن تكون مسألة تحقيق المناط؛ بحيث إن الشّافعيّة يسدّون الذّريعة
متى تحقّق مناط القاعدة، في حين أنّهم لا يمنعون منها إلا في الحالات التي لم يتحقّق فيها مناط قاعدة سدّ الذّرائع والله تعالى أعلم-. وتوصي هذه الدّراسة بالتّحقيق في جميع المسائل التي أحدثت اختلافاً في القواعد الأصوليّة ومناهجها التي تتبعها المذاهب إبّان اجتهادها، والتّحقيق في التّعميمات التي أحدثت هذه الفروقات، في محاولة للتقريب بين المذاهب الفقهيّة ذات الأصول الفقهيّة الواحدة.