ملخص الجهاز:
فعندما نسأل عن عقلانية التعبّد الديني لا يكون سؤالنا عما إذا كانت التجربة الدينية للأنبياء معتبرةً بالنسبة إليهم أنفسهم أم لا؟ وإنما السؤال يقول: هَبْ أن الأنبياء كانوا على حقٍّ في اعتمادهم على تجاربهم الدينية، ولكنْ هل يحقّ للآخرين، الذين لم يعيشوا هذه التجارب، أن يعتمدوا على كلام الأنبياء ـ من الناحية المعرفية ـ، ويؤمنوا بمحتوى كشفهم وشهودهم؟ وعلى الرغم من ارتباط هذين السؤالين ببعضهما فإنّه يمكن القول بوجود الفرق بينهما.
المسألة الثانية: لو افترضنا أن قوام الدين بالنسبة إلى جميع المتدينين في الحقيقة والواقع إنما يكون بالتعبّد، وأنه ليس هناك متديّن يمكنه الوصول إلى مرحلة الكشف والشهود الشخصي أبداً، فالسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام هو: هل التعبّد منحصرٌ بمجال العقائد الدينية فقط؟ وهل نحصل على عقائدنا الدينية على أساس التعبّد بكلام شخصٍ أو عددٍ من الأشخاص الآخرين؟ وهل أن مخزون العقائد والمتبنيات العلمية والتاريخية والرياضية والفلسفية وما إلى ذلك من العلوم الأخرى هي بأجمعها حصيلة التحقيق والدراسات الشخصية لنا؟ هذه هي المسألة التي تدور حولها عامّة أبحاث الدكتور مصطفى ملكيان ومخالفيه، ولا سيَّما من المنتسبين إلى الحوزة العلمية.
إن مراد الأستاذ ملكيان من هذا الكلام هو أننا في ما يتعلَّق بالأمور غير الدينية عندما نرجع إلى المختصّ يمكن لنا أن ندرك صحّة رأيه من خلال الآثار المترتّبة على رأيه.
ومن الواضح أن مثل هذا الأمر لا يصدق على الإيمان بالمعاد وعالم ما بعد الموت، فإننا من خلال الاعتماد على كلام الأنبياء لا نستطيع الوصول إلى صحّة آرائهم في هذه الدنيا أبداً، وإنما يمكن لنا التثبُّت من صحّة كلام الأنبياء عندما تقوم القيامة في العالم الآخر.