ملخص الجهاز:
"خیر الإصلاح إصلاح التعلیم , وخیر التعلیم ما کان علی الطریقة العملیة حتی إن الأمم المرتقیة لم تعد تعتبر نجاح التعلیم ببراعة التلامذة فی الامتحان بل إننا نسمع کل یوم صیاح المنتقدین من علماء البیداجوجیا ( التعلیم والتربیة ) قائلین : إن جعل النجاح فی الامتحان وأخذ شهادة العالمیة بأنواعها هو الغایة من التعلیم التی تتوجه إلیه نفوس المتعلمین - خطأ عظیم وضرره علی البلاد جسیم ؛ لأنه یجهد العقل فیما لا یعود بالفائدة علی البلاد , وإنما غایة التعلیم إنتاج رجال قادرین علی الأعمال النافعة ومباراة الأمم الحیة ومسابقتها فی میدان الحیاة , وحق ما قالوا والعبرة أمامنا , فإننا نحن المسلمین نری أن خیارنا فی التعلیم والتعلم الإسلامی أهل الأزهر الشریف , ولنفرض أن الأمة أصبحت کلها أزهریة فهل یکون ذلک کافیا لنجاحنا وارتقائنا ومجاراتنا للأمم العزیزة القویة ؟ کلا , إننا نری أهل هذا المکان أبعد الناس عن معرفة أحوال الأمم التی تنازع المسلمین البقاء , وهذه المعرفة هی التی تنفخ روح الغیرة فی النفوس , وتبعث العارفین علی المنافسة والمباراة لا سیما إذا أخذت علی الوجه العملی المفید , بل إننا نراهم أبعد الناس عن الأعمال النافعة لأشخاصهم والمقومة لحیاتهم , ولیس هذا عن زهد اختیاری یقصدون به التقرب إلی الله - تعالی - فإنهم یتهافتون علی الرغیف ، ولو أن أمیرا أو غنیا صاح بهم أن اخرجوا من هذا المکان إلی عمل کذا - وکان العمل مما یخف علیهم - ولکل منکم علی حق معلوم فی کل شهر أدناه ثلاثة جنیهات وأعلاه عشرة کاملة ، لما بقی فی الأزهر من الثمانیة آلاف ثمانون رجلا ."