ملخص الجهاز:
"و تبدو هذه الحقبة اکثر وضوحا و تفصیلا،لا سیما الظروف التی تم فیها«الانقلاب الدینی»المنسوب الی هذا الاخیر و الذی یرجح بأنه کان استجابة لضغط القبائل المحیطة بمکة او المتاملة معها خارج الحجاز،التی تدین بالعقیدة الوثنیة.
اما المنعطف الثالث و الاخیر،فهو الذی یقترن بالمرحلة الحاسمة من تاریخ مکة القدیمة و الانتقال من نطاق التجارة المحلیة و الاعتماد علی حرکة (1)-المسعودی،مروج الذهب ج 2 ص 18،19.
و من المؤکد ان تطور النظام السیاسی فی هذه المدینة،ارتبط بنموها التجاری الی حد کبیر،حیث اصبحت منذ القرن السادس«السوق الحرة»المرکزیة التی تتوفر فیها السلع علی اختلافها،و تتأمن کافة الخدمات و المعاملات التجاریة،بما فیها تنظیم الدیون و الفوائد و الودائع5،الی اخر ما تفرد به السوق المکی فی هذا المجال،بحیث اصبح مقصد المحترفین من التجار او المتبادلین سلعهم باخری من البدو،دون ثمة ما یحد المبادرة او یعیق الحریة الشخصیة.
و تحمد بعض مصادر المؤرخین الوظائف المتفرعة عن هذا المجلس،حیث کان نواتها ستا3فی عهد قصی،ثم تجاوزت العشر قبیل الاسلام4،استجابة لتطور اوضاع المدینة،و ظهور فروع جدیدة فی قریش و هی المنتمیة من حیث المبدأالی«البطاح»،دون«الظواهر» الذین کانوا خارج(الملأ)،و اقتصر دورهم کما یرجح علی الشؤون الدفاعیة5.
ففی عهد قصی الذی جمع بیده السلطة الکاملة،کانت هذه الوظائف تعود الیه بما فیها(الملأ)،الذی تحول بعده الی سلطة جماعیة،توحد مصالح القرشیین و تجمع بین احلافهم،او بعبارة اخری کان القاسم المشترک بین فروعهم المتنافرة.
و لعل هذا الاخیر شاء استمرار هذه الصیغة وراثیة مع ابنائه،مهیئا ابنه البکر(عبد الدار)زعیما لمکة من بعده،علی رغم ما یشار الی ضعف شخصیته2و تفوق اخوته علیه، لا سیما(عبد مناف)الذی اشتهر فی حیاة ابیه و بدا اکثر جدارة بالزعامة من بعده3."