ملخص الجهاز:
"و کان رفاعة الطهطاوی أول من اهتم بأدب الاطفال فی العصر الحدیث،معتمدا علی ترجمة ما لدی الغرب من أدب الأطفال،و توالی الاهتمام بهذا اللون من الأدب،و صدرت قصائد و قصص کثیرة فی هذا الحقل،و کان أحمد شوقی من أوائل الشعراء العرب الذین التفتوا إلی شعر الأطفال فنظم القصائد الطریفة فی موضوعات مختلفة،و دخل بعضها فی تب القراءة إلا أن معظمها کان فوق مدارک الأطفال لما فیها من ألفاظ صعبة أو غریبة،و لما فیها من معان لا یدرکها الطفل إلا بعد أن یتقدم به العمر.
و تکاد بعض عقود القرن العشرین تکون من أکثر العقود ازدهارا فی العنایة بلغة الطفل و أدبه،و باللغة العربیة عامة لأنها من أهم مقومات وحدة العرب،و لم یبق ذلک الازدهار،و لم تظل العنایة بالعربیة قائمة،إذ بدأ الکری یلف الصحوة اللغویة منذ العقد الأخیر من القرن الماضی،لأسباب منها: أولا:العولمة التی من أهداف دعاتها السیطرة علی العالم،و القضاء علی اللغات القومیة،و الثقافات الوطنیة،و الاستقلال السیاسی و الاقتصادی،و تغییر طبیعة المجتمعات البشریة،و قد ظهر تأثیرها فی السنوات الأخیرة.
کل هذا یجری علی الرغم من تلک الدعوات،و ما یقوله التربویون فی تعلم اللغات الأجنبیة،إذ الأصل أن یبدأ الطفل بتعلم لغة قومه؛لأن تعلمه بلغة أجنبیة یفقده هویته القومیة و الوطنیة،و ان الجمع بینها و بین لغته-إن حصل ذلک فی عهد الطفولة-یضعه فی مفترق الطرق؛لأنه من الصعوبة تعلم أکثر من لغة فی آن واحد،لأنها تتداخل و یجور بعضها علی بعض،و قدیما قال الجاحظ و هو یتحدث عن الترجمان:"و متی وجدناه قد تلکم بلسانین علمنا أنه أدخل الضیم علیهما؛لأن کل واحدة من اللغتین تجذب الأخری،و تأخذ منها،و تعترض علیها"،و هذا یخص الکبار،فکیف الصغار؟و تعلم اللغة الأجنبیة مهم،و لکن لا علی حساب اللغة الأم منذ الطفولة،و إنما یکون بعد أن یتقن الانسان لغته،و یری أنه بحاجة الی تعلم لغة أجنبیة لأمر من الأمور التی تقتضیها الحیاة المعاصرة."