ملخص الجهاز:
"5-الوجوب: لم یرد من هذه المادة فی القرآن الکریم سوی الفعل الماضی مرة واحدة فی قوله تعالی: (فإذا وجبت جنوبها فکلوا منها و أطعموا القانع و المعتر) [الحج:36] و الحدیث عن البدن التی هی من شعائر الله فی الحج،و المقصود بوجوب الجنوب:وقوعها علی الأرض:و هو مأخوذ من وجب الحائط وجبة إذا سقط،و وجبت الشمس وجبة:غربت،و المعنی:فإذا وجبت جنوبها و سکنت نسائمها حل لکم الأکل منها و الإطعام1،و فی هذا یقول فضیلة الشیخ عبد الجلیل عیسی:(یقال:وجب الحائط مثلا وجبة-فتح و سکون-إذا سقط سقطة قویة،و فی ذلک إشعار بأن تختار سمینة اللحم)2،و قال صاحب «التهذیب»فی معنی الآیة: (فإذا وجبت جنوبها فکلوا منها): (أی:إذا سقطت إلی الأرض جنوبها فکلوا منها،ثم قال:وجب الحائط یجب و جبة:سقط، و وجب القلب یجب وجیبا:إا تحرک من فزع،و وجب البیع و جوبا و جبة، و المستقبل فی کله یجب)3،و قال ابن فارس فی«المقاییس»:(وجب المیت:سقط،و القتیل واجب،قال قیس بن الحطیم: أطاعت بنو عوف أمیرا نهاهم عن السلم حتی کان أول واجب و سمی به لأنه کالساقط)4.
فأقوال اللغویین ترجح أن أصل دلالة لفظ«الخسف»:مبیت الحیوان علی الجوع،ثم تتطور دلالته،و تشیع فی المعانی التی بیناها فی الآیات القرآنیة، و المعاجم اللغویة،و یشیع بعض هذه الدلالات،و یترک بعضها أو یقل،کمبیت الدابة دون علف،ثم یستعمل فی الإنسان،فیقال:الخسف:مبیت الإنسان علی الجوع،ثم یسمعی الجوع نفسه خسفا،ثم ینتقل اللفظ لعلاقة السبیة لیشیع فی الذل و الهوان،و ذلک بأن أطلق السبب و هو«الجوع»علی المسبب و هو «الذل و الهوان»،و أکثر من هذه شیوعا،دلالة اللفظ علی خسف الأرض، و خسوف القمر3،من هذا یتضع کیف یلعب المجاز دورا بارزا فی تطور الدلالة،و شیوع بعضها،و هجر بعضها الآخر،و نود أن نختم حدیثنا فی هذه المجموعات الدلالیة بالحدیث عن لفظ انقرضت دلالته الأصلیة و شاعت الدلالات المجازیة،هذا اللفظ الذی أحببنا أن نختم به هذا الفصل هو: 9-الجمال و الجمیل: لم یرد من هذه المادة فی القرآن الکریم إلا الأسماء،فقد ورد لفظ«جمال» فی موضع واحد هو قوله تعالی: (و لکم فیها جمال حین تریحون و حین تسرحون 6) [النحل:6]،وورد لفظ«جمیل»بصیغة الإفراد فی سبعة مواضع کقوله تعالی: (قال بل سولت لکم أنفسکم أمرا فصبر جمیل و الله المستعان) [یوسف:18]4."