ملخص الجهاز:
ساعات بین الکتب الجمال و الشر فی الفنون کان السلطان سلیم أدیبا ینظم الشعر و یحسن الاستماع الیه،و کان حاکما صارما لا یستجیب الی الادب اذا دعاه صوت السیاسة،فمثل بین یدیه یوما رجل مقضی علیه بالموت عرف ما فی نفسه من حب الادب و تقریب الشعراء فتوسل الیه أن یصغی الی قصیدة أعدها لاستعطافه،فاذن له فی الانشاء،و ما هو الا ان استهل الرجل أبیاته حتی أقبل علیه السلطان بجملته و ظهر علیه الاقبال و الاعجاب و جرت عبراته علی خدیه الی أن فرغ الشاعر من القصیدة و قد حدثته نفسه بالنجاة و وقف یترقب کلمة العفو تنفرج بها تانک الشفتان المزمومتان، و لکن السلطان لم ینطق بتلک الکلمة و لم یرجع عن قضائه الذی قضاء فیه،و قال انما کانت الدموع جزاء شعره و أما ذنبه فلا بدله من جزاء ذکرت هذه«النادرة»و انا اقرأ مقال الاستاذ طه حسین عن الحریة و الفن فی مجلة الجدید،فقد تکلم الاستاذ عن بودلیر و قال فی وصفه انه«اذا ذکر الحب ذکر معه الالم و الموت،و هو اذا ذکر الالم ذکر معه الحب و الموت،و هو اذا ذکر الموت ذکر معه الالم و الحب،و هو فی کل ذلک حرجری،مجازف یتخیر أبشع الصور و أقبحها و أشدها تأثیرا فی النفس من هذه النواحی البشعة القبیحة،و هو مادی التصور،لحسه المادی أثر قوی فی شعره و لا سیما حس اللمس و الشم و ابصر،فهو یعرض علیک هذه الصور البشعة التی یحسها الشم أو اللمس أو البصر فی الاجسام الهالکة المتحللة.