ملخص الجهاز:
"أولا-قدم الدعوة إلی عالمیة الحداثة: عرفت المجتمعات عبر تاریخها الطویل ما یعرف بالحداثة،فکان لبعضها طموح عالمی-بمقاییس عصرها-حتی أن بعض الدارسین یری أن تاریخ العالم هو تتابعات لصور معینة من نظام عالمی جدید،فقد حاولت کل إمبراطوریة من الإمبراطوریات التاریخیة أن تضم إلیها کیانات أخری،فعل ذلک الأکادیون فی الألف الثالث قبل المیلاد، عبر سرجون الأکادی«شیروکون»و مملکة أسرة أور الثالثة،و فعله العموریون،فی بدایات الألف الثانی قبل المیلاد عبر حمورابی و غیره من ملوکهم و الحثیون و المیتانیون و الفراعنة و الآشوریون،و فعله کذلک الکلدانیون بمساعدة الآرامیین فی الشرق و الفینیقیین فی الغرب،فی الألف الأول قبل المیلاد،و الفرس و الیونان و الرومان،ثم العرب المسلمون و الأتراک العثمانیون،و أخیرا الغربیون القادمون من قارة أوروبة فی القرون الأخیرة من الألف الثانیة بعد المیلاد،ثم تطل الولایات المتحدة الأمریکیة علی العالم حدیثا محاولة فرض سیطرة إرادتها و بالتالی ثقافتها علیه،و هذا التتابع غیر ما یراه«روبرتسون»فی تحدیده لحقب تاریخ فرض أنظمة عالمیة جدیدة الذی یبتدئ فی القرن الخامس عشر المیلادی..
و السؤال الآن ما ماهیة هذه«النحن» عندنا؟ لقد فشلت الدول المشرقیة التی خلقتها اتفاقیات سایکس-بیکو فی الهلال الخصیب،بعد استقلالها،فی خلق ثورة متکاملة،علی نحو ما یرغب فیها معظم الناس فی هذه المنطقة،ففشلت فی ضم سکانها تحت مبادئ عامة تؤکد مصلحة الأمة و الوطن و تجعلها فوق المصالح الکیانیة و الطائفیة،و علی العکس من ذلک،أسهمت فی تحقیق أهداف الثقافة العالمیة فی نزوعها نحو تفکیک مجتمعات الأطراف القومیة،فأضافت انقسامات جدیدة إلی بنیة الأمة،و منها: *انقسامات بین شرائح الأمة علی أساس اقتصادی-اجتماعی-دینی- حقوقی،و تدعیم صور التمییز بینها و إقامة الحواجز أمام تعاملاتها بعضها مع بعضها الآخر."