ملخص الجهاز:
"إن الرجوع الی ابن خلدون فی سیاق السعی الراهن إلی اعادة النظر فی مفهوم القبیلة و تحدید طبیعة البنیة القبیلة فی الفترة ما قبل الرأسمالیة،یبدو للوهلة الأولی موقفا تاریخیا لا یتعدی نطاق التذکیر بأحد أهم المعالم التی عرفتها الحیاة الثقافیة المغاربیة فی العصور الوسطی، باعتبار أن النسق النظری لابن خلدون هو من جهة،نتاج لما قام به المؤلف من استقراءات فی التاریخ العربی الإسلامی القروسطی،و من جهة أخری نتاج للاحتکاک بانعکاسات أحداث القرن الرابع عشر المیلادی،لمعاینتها و للمشارکة فی بعضها،باعتبار کذلک أن النموذج الخلدونی افتقد الکثیر من شمولیته فیما تلا من فترات و حقب،بخاصة لما استولی الأتراک علی تونس و الجزائر، و أصبحت السلطة السیاسیة فی المغرب-ابتداء من السعدیین-من اختصاص الشرفاء.
و مهما یکن من أمر هذا الاختلاف فی تقدیر مدی الامتداد الزمنی للطرح الخلدونی فالأکید لدینا حالیا هو أن ما نشهده فی عصرنا من استعادة ابن خلدون،فی خضم همومنا و تساؤلاتنا (71)علی أن عبد الله العروی،إذا کان قد رفض أن یکون الطرح الخلدونی تفسیرا لما حدث فی القرن الرابع عشر و فی مطلع القرن العشرین،فإنه سلم مع ذلک،فی مؤلف لا حق،باستمرار صلاحیة بعض جوانب التحلیل الخلدونی إلا حدود الوقت الراهن،و اعتبر بالتالی أننا سنظل نقرأ لابن خلدون و نرجع الی مقدمته طالما أن مجتمعاتنا المعاصرة لم تتمکن بعد من تحقیق الخطوة الضروریة نحو تجاوز التناقضات التی تحدث عنها المؤلف المغاربی ما بین الترف و الفضیلة و البداوة و الحضارة و الرئیس و المرؤوسین و العصبیة المهاجمة و العصبیة المهاجمة..."