ملخص الجهاز:
"غیر أن تفاقم الأخطار علی الأمن العربی بعد ذلک،بخاصة بعد الغزو الاسرائیلی للبنان فی عام 1982،قد أزاح من جدید النظرة السلیمة للقضیة الفلسطینیة و علاقتها بالنظام العربی،و تم تجاوز قرارات بغداد المؤکدة بقرارات تونس و عمان فی سنتی 1979 و 1980 لیأتی مؤتمر القمة العربی الثانی عشر،المنعقد فی فاس فی دورتین،فی تشرین الثانی/نوفمبر 1981 و أیلول/سبتمبر 1982 بصیغة فاس التی أعادت مفهوم ما بعد هزیمة عام 1967،و هو إمکان الحدیث عن أمن قومی عربی فی ظل وجود المشروع الصهیونی،و الاکتفاء بالحدیث عن الأهداف المرحلیة،التی تمثلت فی انسجاب اسرائیل من جمیع الأراضی العربیة المحتلة عام 1967،و إزالة المستعمرات التی أقامتها فی هذه الأراضی،و تأکید حق الشعب الفلسطینی فی تقریر مصیره و ممارسة حقوقه الوطنیة الثابتة غیر القابلة للتصرف،بقیادة منظمة التحریر الفلسطینیة،ممثله الشرعی الوحید، و تعویض من لا یرغب فی العودة،و الحدیث عن قیام دولة فلسطینیة مستقلة عاصمتها القدس علی نحو لا یترک مجالا للشک فی أنها دولة الضفة الغربیة و القطاع المجاورة لدولة اسرائیل،بل إن قمة عمان التی عقدت فی عام 1987-بعد أکثر من خمس سنوات کاملة لعجز النظام العربی عن الحرکة الشاملة-قد أسقطت الحدیث عن هدف الدولة الفلسطینیة،إضافة إلی تراجع أولویة القضیة الفلسطینیة فی قراراتها علی نحو واضح إزاء بروز الخطر الایرانی علی أمن أقطار الخلیج العربیة.
و هناک ثالثا،أن الانتفاضة الفلسطینیة قد نجحت نجاحا لافتا فی ایجاد حل لإشکالیة العلاقة بین«الاسلامی»و«الوطنی»،فمع تنامی قوة التیار الإسلامی فی الأراضی المحتلة،علی نحو ما سبقت الإشارة إلیه،تبنت منظمة التحریر نهجا صحیا جبهویا فی التعامل مع هذا التیار،حیث انضم فیما بعد إلی عضویة المجلس الوطنی الفلسطینی فی دورته الثامنة عشرة،التی عقدت فی الجزائر فی نیسان/ابریل 1987؛و مع تفجر الانتفاضة کانت هناک مراهنات علی تمزق الداخل الفلسطینی بین ما هو«اسلامی»و ما هو«وطنی»،غیر أن التجربة صمدت حتی الآن بالنسبة إلی غالبیة التیارات الإسلامیة التی أعلنت أنها جزء لا یتجزأ من حرکة الشعب الفلسطینی26."