ملخص الجهاز:
"و لعل ثم أسبابا أخری آمل أن نعمل علی الإحاطة بها و تبین آثارها،و السؤال الذی یطرح الآن:ما نحن فاعلون للحد منها؟ أما الأسباب اللغویة فإن مانتدارسه من قضایا أسالیب وضع المصطلح و طرائقه المتنوعة،و روافده المتکاثرة یدخل فی هذا المضمار،و لا أشک أن مجامعنا و مؤسساتنا المعنیة بالأمر متراجعة ذات یوم عن متابعة ذلک و رفده، و لکن علینا أن نولی اهتماما مدروسا لمشکلة جوهریة ترتبط بهذا الجانب ألا و هی مشکلة البحث العلمی،فما یزال البحث العلمی فی البلاد العربیة هامشیا،غیر آخذ مکانه اللائق الذی یجعله فی مقدمة الاهتمامات الکبری للدولة،و لا شک أن البحث العلمی یمثل الجسر الرصین للدول التی تنشد التقدم لتعبر منه إلی التفوق السیاسی و الاقتصادی و التمیز الحضاری،أما البحث العلمی لدینا فهو،فی کثیر من جوانبه،بحث لأجل البحث النافع لصاحبه منفعة آنیة لا علاقة لها بالأمة و حضاراتها.
أو لیس من الممکن الآن أن نضع متخصصا لغویا علی الأقل فی کل میناء و مطار لیعرض علیه کل جدید آت لیقوم باتصال فوری بالمؤسسات اللغویة لتعینه علی وضع مصطلح مناسب یدخل مع الأشیاء عند دخولها؟أو لیس من الممکن أن تتحکم مؤسسات الإذاعة و التلفزة فی المواد التی تبثها و الإعلانات التی تروج للبضائع الأجنبیة لتغیر الأسماء الأجنبیة؟ألیس من الممکن أیضا أن یعین فی کل مؤسسة رقیب لغوی لا یشترط فیه أن یکون عالما بکل مصطلح داخل بمقدار ما یشترط من إبقائه علی اتصال متواصل مع ذوی الشأن من اللغویین و المؤسسات المعنیة؟ أو لیس من الممکن،بعد ذلک،أن یکون مثل هؤلاء علی اتصال دائم بحیث ینقل الواحد منهم ما یوضع فی مؤسسته إلی المؤسسات المعنیة فی بلده،و إلی مؤسسة فی کل قطر عربی تقوم بتعمیمه فی ذاک القطر؟ ألیس من الممکن،بعد ذلک،أن نعمل علی إشاعة المصطلحات بین الناس علی نحو محکم مدروس بوساطة تلکم الوسائل؟ قبل خمس سنوات أصدرت الحکومة الفرنسیة أمرا لا یقضی بمنع استخدام غیر الفرنسیة فی الإعلانات و اللافتات و حسب،بل یوجب التخلص من کل ما کان مکتوبا بغیر الفرنسیة،و کان ذلک بمناسبة الاحتفال بمرور مئتی عام علی صدور قرار الحکومة الفرنسیة الذی صادق علیه برلمان الثورة الفرنسیة،و الذی یقضی بتعمیم اللغة الفرنسیة."