ملخص الجهاز:
"لقد أثار الباحث سؤالا تنبع أهمیته من إطلالته علی الراهن المعاش،و هو:لماذا حصر ساطع الحصری نفسه فی اللغة«کأس الأساس فی تکوین الأمة و بناء القومیة»، متجاهلا عناصر أخری مهمة مثل الجغرافیا والدین و الاقتصاد؟و اجتهد فی تقدیم إجابة قوامها أن الحصری یمثل مدرسة محددة فی التفکیر السیاسی العربی،هی المدرسة التی نهلت من منابع الحضارة الأوروبیة الرأسمالیة بإیجابیاتها و سلبیاتها،حیث قامت هذه الحضارة علی أسس و مقومات رئیسیة هی: أ-العلمانیة(بمعنی فصل الدین عن الدولة).
و أخیرا قدم الباحث إطارا نظریا مقترحا للأمة و القومیة و القومیة العربیة یستند فیه لمنهج عصمت سیف الدولة فی جدل الإنسان، خلص منه إلی أن الأمة هی جماعة من الناس تکونت تاریخیا علی أرض محددة، ذات نمط حضاری متمیز،ممتد و عمیق(فی المجالین المادی و المعنوی).
و قد استحق هذا البحث تعلیقین متمیزین من الباحثین:محمد الخولی و حسین معلوم، حیث أشار الأول إلی أن الحصری ینتمی إلی مدرسة نهلت من الحضارة الأوروبیة الرأسمالیة،إلا أنه علی سبیل المثال لم یقبل مبدأ الدولة القومیة فی المطلق بمعنی المطابقة بین وجود الأمة و کیانها السیاسی متمثلا فی دولتها(فرنسا أو إیطالیا مثلا).
أما تعلیق الباحث حسین معلوم فشمل قضایا الأمة/اللغة عند الحصری التی لا تعود فقط إلی کون الحصری نهل من الحضارة الغربیة الرأسمالیة،إنما کذلک للإدراک المتولد لدیه بأن ثمة تشابها فی التجزئة بین الأمة الألمانیة قبل عام 1870 و الأمة العربیة فی ظل الاستعمار.
هذا إلی تأثره بمجموعة الظروف الاجتماعیة و السیاسیة ذات الصلة بنشأته،حیث أتقن العربیة و الترکیة و الفرنسیة منذ صغره،و عاش بدایات شبابه فی البلقان التی کانت تغلی بالأفکار القومیة، و من تجربتها استخلص عمق تأثیر الاختلاف فی اللغة و الثقافة مقارنا بالدین، کما أن نشأة الحصری المیسورة و انتماءه إلی إحدی العوائل المعروفة فی حلب جعلاه لا یهتم کثیرا بالمسائل الناشئة عن التفاوت الاجتماعی و الاقتصادی."