ملخص الجهاز:
"و المصطلحات الشرعیة: لا شک بأن القرآن هو القاعدة الأولی للمصطلحات الشرعیة،و قد بدأت هذه المصطلحات بالظهور منذ بدء الوحی علی النبی صلی الله علیه و سلم،و تکاملت خلال ثلاثة و عشرین عاما -فترة نزول القرآن-و کان ذلک أمرا خارقا مخالفا للمعهود و المألوف فی وضع المصطلحات و تطورها و الذی یتم خلال فترة طویلة من الزمان،و قد واکب ظهور المصطلحات القرآنیة مصطلحات حدیثیة من قبل النبی صلی الله علیه و سلم،کما بنی المسلمون بعد ذلک علی هذا الأساس،فظهرت المصطلحات فی شتی العلوم،و کانت العلوم الشرعیة فی مقدمتها،و یمکننا القول بعد هذا:إن المصطلحات العلمیة تشکل لغة موازیة لمعانی المفردات اللغویة،و ذلک نتیجة کثرة هذه المصطلحات و التی توزعت علوما کثیرة،و غطت حاجات الأمة العلمیة و الثقافیة خلال القرون،و توضیحا لهذه الفکرة نری من المناسب أن ننقل باختصار إشارت الأستاذ مالک بن نبی حیث یقول عن اللغة العربیة:«هذه اللغة لم تعبر قبیل الرسالة إلا عن ذکاء بدو الصحراء،و یلزمها بقدر ما أن تثری لکی تشبع رغبات عقل واجهته-منذ ذلک الحین-المشاکل الغیبیة و الشرعیة و الاجتماعیة بل و العلمیة أیضا.
و من المصطلحات التی أطلقت علی القرآن: الفرقان: و هو یعنی صفة من صفات هذا الکتاب،و أنه یفرق بین الحق و الباطل،و الهدی و الضلال،و قد کان لهذا المصطلح أثر کبیر علی العلوم الشرعیة التی تتداخل مصطلحاتها و تتکامل،فإدراک الفرق بینها هو الذی یمیز بین معانیها و یکشف عن تکاملها،و من هنا وجدت کتب کثیرة تحمل اسم«الفروق»أوژ«الفرق»منها کتب فی الفقه،و أخری فی اللغة،و أخری فی المصطلحات،و من الأعلام الذین اهتموا بذلک أبو هلال العسکری، و الراغب الأصفهانی،و ابن تیمیة،و ابن القیم،و غیرهم کثیر،و الفصل الأخیر من کتاب «الروح»لابن القیم خصصه للفروق،کما أن هناک من جمع من کتب ابن القیم ما تناثر فیها من فروق فی کتاب خاص سماه:«الفروق»،و لا شک أن مثل هذه الدراسات ظهرت مبکرة فی تراثنا حیث نجد کتاب فی«الفرق بین الصدر و القلب و اللب»للحکیم الترمذی، و لا شک أن مثل هذه الدراسات مهمة جدا و بخاصة فی مجال الدراسات المصطلحیة لأنها تساعد علی تحدید المعانی،و بیان التداخل و التکامل بین المصطلحات."