ملخص الجهاز:
"أما والده فقد أخلد إلی التحصیل و الدرس و برز فی الفقه و علوم اللغة و قد أخذ ابن خلدون عن أبیه حبه للعلم و التحصیل و درس علی أشهر أساتذة تونس، و کانت حلقات العلم فیها مزدهرة،فما بلغ العشرین إلا و قد قرأ القرآن و حفظه و درس الفقه و الحدیث و بخاصة الفقه المالکی و هو المذهب السائد فی المغرب و الأندلس،و قد دأب ابن خلدون علی التحصیل کلما وجد إلی ذلک سبیلا فدرس المنطق و الفلسفة و تفوق فیهما و قبیل بلوغه العشرین نادته الحیاة العامة کما نادت أجداده من قبل فنزل إلی میادینها و خاض غمارها.
یقول ابن خلدون موضحا غرضه هذا «و أما الإخبار عن الواقعات فلابد فی صدقها و صحنها من اعتبار المطابقة فلذلک وجب أن ینظر فی إمکان وقوعه و صار فیها ذلک اهم من التعدیل و مقدما علیه إذ فائدة الإنشاء مقتبسة منه فقط و فائدة الخبر منه و من الخارج بالمطابقة،و إذا کان ذلک فالقانون فی تمییز الحق من الباطل فی الأخبار بالإمکان و استحالة أن ننظر فی الاجتماع البشری الذی هو العمران و غیر ما یلحقه من الأحوال لذاته و بمقتضی طبعه و ما یکون عارضا لا یعتد به و ما لا یمکن ان یعرض له-و إذا فعلنا ذلک کان ذلک لنا قانونا فی تمییز الحق من الباطل فی الإخبار و الصدق من الکذب بوجه برهانی لا مدخل للشک فیه.
أثر المقدمة فی تاریخ ابن خلدون: أفاض ابن خلدون فی شرح آرائه العلمیة عن سیر العمران فی کتاب المقدمة و قصد بحشد آرائه فیها إلی إظهار ما لعلم العمران من طابع مستقل فهو یقول:«و کأن هذا علم مستقل بنفسه فإنه ذو موضوع و هو العمران البشری و الاجتماع الإنسانی و ذو مسائل و هی بیان ما یلحقه من العوارض و الأحول لذاته واحدة بعد أخری1»."