ملخص الجهاز:
"فی الفصل الأول یبحث عاید فی مقدمات الانتفاضة،منطلقا من التذکیر بحقیقتین هما: إن وجود الاحتلال الاسرائیلی فی حد ذاته، بطبیعته الاستیطانیة،هو سبب الانتفاضة الحالیة و غیرها من أشکال النضال ضد الاحتلال؛ثم إن الحقیقة الثانیة هی عدم هبوط الانتفاضة من السماء،و عدم حصولها فجأة،بل هی حصیلة التجربة الکفاحیة الغنیة فی مواجهة الاحتلال،و هی حلقة فی سلسلة النضالات الشعبیة المتواصلة منذ زمن،حیث إن هناک اتجاهات طویلة الأمد، تعمل فی أحشاء حرکة مقاومة الاحتلال أهمها: 1-انتقال مرکز الثقل فی المقاومة الفلسطینیة من الخارج إلی الداخل.
4-محاولة توحید شعب فلسطین المحتلة سنة 1948 و سنة 1967،و یعتبر عاید أن الانتفاضة لم تنجح فی تحقیق هذا الاتجاه، بسبب تأثیر نهج التسویة فیها،لجهة تحدید سقف لتحرک فلسطینیی مناطق 1948 فی حدود الضغط من أجل قبول اسرائیل بحلول التسویة السلمیة؛و بسبب عجز الحزب الشیوعی الاسرائیلی(راکح)و اللجنة القطریة لرؤساء المجالس المحلیة العربیة عن«الارتقاء بنضالهما إلی ما یتعدی«المساواة»بین العرب و الیهود داخل الکیان الصهیونی».
فبدأ العد العکسی،و من أقرب المناطق العربیة إلی فلسطین،النصف الجنوبی من لبنان، فتجلی ذلک بالمقاومة الشعبیة التی شهدتها الساحة اللبنانیة ضد الوجود الاسرائیلی و قوی الحلف الأطلسی و القوی المحلیة المرتبطة بها،حیث تمثلت المقاومة الشعبیة هذه،أولا بجبهة المقاومة الوطنیة اللبنانیة (و الفلسطینیة)،التی لم یشهد العالم مثیلا لها منذ حرب فیتنام،و التی أجبرت اسرائیل، و للمرة الأولی علی الانسحاب مرغمة من أرض عربیة قد احتلتها؛و ثانیا الحرب الشعبیة الطاحنة فی جبال لبنان و فی عاصمته و ضاحیتها الجنوبیة،هذه الحرب التی أرغمت قوی الحلف الأطلسی علی مغادرة الأراضی اللبنانیة بعد أن کادت هذه القوی تحول«بیروت الکبری»و الجبال المحیطة بها إلی قاعدة عسکریة و استخباراتیة جدیدة لها علی ساحل البحر المتوسط؛و ثالثا العملیات الانتحاریة التی استهدفت القواعد و المراکز العسکریة لهذه القوی،خصوصا الأمریکیة و الفرنسیة فی بیروت."