ملخص الجهاز:
"و حیث إن المجتمعات العربیة لم تشهد اقطاعا حقیقیا ما قبل العصر الحدیث،و حیث إن النظام المسمی «اقطاعیا»فی التاریخ العربی-الاسلامی لم یحقق لها وظیفة التنمیة الاقطاعیة المتدرجة نحو الوحدة لانتفاء شروط الاقطاع الحقیقی عنه،بل أدی إلی المزید من تفریعها و تجزئتها عمرانیا و حضریا؛فإن ظاهرة و مرحلة الدولة القطریة قد جاءت لتسد هذا الفراغ التاریخی،و لتملأ الفراغ العمرانی و السکانی للمناطق و الأقالیم و المساحات العربیة کافة بما یساعد و یؤدی إلی تواصلها و توحیدها،و ذلک ببناء القاعدة المادیة المتصلة الشاملة و تنمیة شبکة البنی التحتیة المترابطة اللازمة لإقامة المجتمع الموحد.
إن الغالبیة العظمی من دراسات الباحثین و رؤی المفکرین المشتغلین بموضوع الحبث تشیر إلی أن النظام الذی عرفه الوطن العربی-الاسلامی،و المسمی فی عرف البعض«اقطاعیا»،لا یشبه فی الواقع النظام الاقطاعی الفیودالی الأوروبی إلا فی التسمیة المضللة و فی بعض المظاهر الشکلیة و السطحیة و المشابهات العرضیة التی لا یعول علیها لإقامة دراسات علمیة مقارنة مشروعة أو مقبولة بینهما،و للخروج بالتالی بأیة استنتاجات و تصورات فکریة-سیاسیة مماثلة تصلح دلیلا للعمل السیاسی فی معالجة الأوضاع العربیة الراهنة و تطویرها بناء علی تلک الفرضیة المستمدة من المرکزیة الأوروبیة و من خصوصیة تجربة أوروبا الفیودالیة بالذات،و ما أفرزته من تطورات و مراحل اجتماعیة-سیاسیة لا حقة.
إذا صح هذا التحلیل-و ذلک ما نعتقده-فإنه یحق التساؤل:إذا کانت مصر،أعرق مجتمع زراعی ریفی فلاحی فی الوطن العربی،لم تعرف فی تاریخها الطویل النظام الاقطاعی،فأین یمکن افتراض«مصداقیة وجوده»علی صعید المجتمعات العربیة الأخری التی لم یعرف بعضها الزراعة أصلا-و هی قاعدة الاقطاع-و لم یکن بین سکانها بالتالی فلاحون أو سادة اقطاعیون بالمفهومن الفیودالی؟ و مع تزاید الاعتراضات،فی دوائر البحث الحدیث خلال العقود الأخیرة،ضد تعمیم مقولة الاقطاعیة علی تاریخ المجتمعات الشرقیة الآسیویة،عاد المارکسیون مجددا إلی مقولة«النمط الآسیوی للانتاج»،و کان المارکسی المصری،أحمد صادق سعد هو:«صاحب أکبر کم من الکتابات حول موضوع دلالة النمط الآسیوی للانتاج بالنسبة إلی دراسة التاریخ الاجتماعی المصری»18."