ملخص الجهاز:
"و نعتقد أن النمو الانسانی العام هو النواة النوویة فی نظام القدرة،و أن کل نمو آخر،إنما یزدهر فی سیاق هذا النمو،فهو الذی یخلق الحرث،و لیس العکس،و إلا کیف نفهم هذا الفارق الکبیر بین نظامی القدرة الیابانی و العربی مع الفارق فی الموارد المتاحة للأمتین؟ و یمکننا التأکید أن أمتنا محکومة بأنساق قدرویة سلبیة8لا حصر لها کالفساد السیاسی و الاجتماعی و أنماط الوعی و التخلف العلمی و الفکری،و الخروج عن دائرة العصر الحدیث، و الارتکاس فی ظلامیات العصر الوسیط و وعیه و قیمه،و أنه لا سبیل لنا إلا بالتخلص من صخرة الماضی الجاثمة علی الصدور.
لقد صاغ العالم المتمدن مبادیء عامة للقدرة نجتزیء منها التالی فی تحدید ملامحها و عناصرها و التعریف بها: الدیمقراطیة و هی نظام قدروی ینبع من طبائع الأشیاء و المبادیء الذاتیة للحیاة،و إذا کانت هذه القیمة الانسانیة مفروضة بقوة الأشیاء فهی تفرض قوتها-من باب أولی فی هذا العصر الذی استبحرت جوانبه و امتدت آفاقه،الأمر الذی یتعذر فیه قیادة التطور إلا بعقل الجماعة.
هذه صورة موجزة عن بعض مفاتیح النمو الانسانی العالم،و هی نوامیس تفرض نفسها علی المجتمعیات البشریة کافة،و مع ذلک،فللمجتمع العربی خصائصه الممیزة التی تحدد خیاراته المتعددة،منها علی سبیل المثال: الخیار الحضاری هذا الخیار لیس امتدادا کمیا میکانیکیا للحضارة الأوروبیة،و إنما هو خیار انسانی خلاق یقوم علی مبدأ«دع الزهور تتفتح و لنتباری»،مبدأ حوار الحضارات و تلاقی الحضارات و تواصل الحضارات.
و التعبویة تفرض علی المواطن العربی أن یکون«برومیثیوسیا»مبدعا خلاقا،و لکن لیس بالمفهوم الأوروبی،و إنما بالمعنی القرآنی الذی یعنی اقتحام العقبة من أجل فک الرقبة،و استباق الخیرات و المسارعة فی الخیرات،الم یعلن القرآن التعبویة إلی أقصی درجاتها بقوله: و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة 33؟ الخیار الروحی هو خصیصة هو خصیصة ممیزة و خاصة بأمتنا العربیة،إذ بالشرارة الإلهیة،و النفحة الایمانیة و البعد الروحی،انطلقت هذه الأمة فی دروب الحضارة والازدهار."