ملخص الجهاز:
"و لم تنحصر ثورة المعلومات بالعلوم التطبیقیة و البحتة؛بل تعتدهما إلی العلوم الإنسانیة عامة،إذ یستطیع الباحث أن یتعرف إلی أی موضوع یبحث عنه من خلال شبکات المعلومات؛بل یؤلف کتابا دون أن یستعمل قلمه؛ فالباحث عن القانون یستطیع أن یتعرف علی قوانین الدول و أنظمتها بسهولة و یسر،أما الباحث عن الفتوی الشرعیة فإنه لا یجد بغیته فی شبکات المعلومات،و علی الأغلب فإن المسلمین-بغض النظر عن التزامهم بشعائر الإسلام أو سلوکهم-یقفون حائرین أمام بعض مستجدات الحیاة،و یتحری أحدهم الفتوی الشرعیة فی مسألة ما و یرجع إلی أهل العلم و الاختصاص فیسمع الآراء المتباینة فیزداد حیرة،و تتضارب المعلومات فی ذهنه دون أن یمتلک مقولات الترجیح،و هذه الإشکالیة لیست جدیدة و الرد علیها بسیط و هو أن یقال:إن الدین یسر و اختلاف الأئمة رحمة،و علی المسلم غیر المتخصص فی العلوم الشرعیة أن یقتنع بجواب مفتیه و یعمل به،و لا شک أن هذا الکلام مقبول فی زمن لم تتشکل فیه مجامع البحوث الفقهیة کما هو علیه مجمع البحوث الإسلامیة فی القاهرة و مجمع الفقه الإسلامی فی جدة و غیرهما،فلقد استطاعت هذه المجامع أن تنقی خیرة علماء الشریعة الإسلامیة من أقطاب العالم،و تلتقی دوریا لتبحث النوازل و الواقعات و مستجدات الأمور بوجود الخبراء و المتخصصین فی کل مسألة،فهم إذا بحثوا مسألة فی الطب أتوا بالأطباء المتخصصین،و کذلک الأمر ینطبق علی المسائل التجاریة و الاقتصادیة إلی غیر ذلک،و قد استطاعوا فعلا أن یصدروا الفتاوی و التوصیات بدقة و إتقان،و قد أنفقت الدول الکثیر من الأموال علی هذه المجامع التی تصدر الأبحاث و الدوریات إلا أنها غیر متوافرة فی الأسواق،و لا تصل إلا إلی فئة محددة من الشخصیات و الهیئات المهتمة،غیر أن الکثیر من الأشخاص و الهیئات المهتمة بالدراسات الإسلامیة لا تعرف شیئا عن فتاوی هذه المجامع،و قد یصدر الأفراد من العلماء فتاوی فی الموضوع نفسه تتناقض مع فتاوی المجامع،أما عامة المسلمین فلا یعرفون شیئا عن هذه المجامع فضلا عن فتاویها،و هنا أصل إلی بیت القصید..."