ملخص الجهاز:
"کیف یمکن،إذن،أن نتابع أبحاثنا فی أمور الأزمة فی بلداننا دون أن نتوقف عند هذا النوع العاصف الشامل من الأزمة الذی یصیب العالم کله،بفعل الزلزال السوفیاتی؟ من هنا الصعوبة القصوی التی تواجه الباحث،الیوم،لا سیما فی بلدان مثل بلداننا، معروفة بتخلفها،و تبعیتها،و بالصراعات من کل الأنواع التی تملأ الحیاة فیها،و تؤدی إلی تفکک مجتمعاتها،فتعرقل،بذلک،استکمال بناء هذه المجتمعات بما یحقق لها التقدم.
و من هنا الصعوبة، أیضا،التی تواجه الباحث المارکسی الذی،و هو یمسک بجملة من القوانین القابلة للحیاة و الاستمرار و التطور فی المارکسیة،یسعی إلی تحدید فکره و التحرر من الآثار السلبیة للمارکسیة المشوهة و الجامدة التی سادت،بشکل تعسفی و قمعی،خلال ما یقرب من ثلاثة أرباع القرن، و الانفتاح علی الأفکار الأخری ذات الصلة بحرکة التعبیر،و حتی تلک التی هی،بالتعریف،فی موقع النقیض لهذه الحرکة،أی الأفکار البرجوازیة ذاتها.
و أدی هذا الخلل فی الفکر المارکسی السائد فی البلدان العربیة،إلی جعل الحرکة الشیوعیة، فی نهجها،و فی ممارساتها السیاسیة،و فی برامجها،و فی أشکال تنظیم أحزابها،تدخل فی أزمة انتماء اجتماعی و وطنی فی بلادها،برغم کل ما قدمته من اسهامات باهرة فی النضال الوطنی و الاجتماعی،و تصبح حرکة معزولة غیر مهیأة لتشکیل البدیل،و قد أسهم فی کل ذلک ما اقترن باسم هذه الحرکة من حالات مرضیة کان یجری تعمیمها بسرعة استثنائیة،بواسطة الآلة البرجوزایة الداخلیة و الخارجیة،مع کثیر من التشویه المقصود،من أجل خلق حاجز سیاسی و اجتماع و روحی بین هذه الأحزاب و بین الجماهیر،بل بینها و بین المجتمع،بشکل عام.
و إذ أقول ذلک فإننی أقصد إلی اطلاق الدعوة لجعل هذه المهمة تهز الأحزاب الشیوعیة و تدفعها إلی تجدید ذاتها،و تتجاوز،فی الوقت ذاته،إلی الحرکات الثوریة التی تتأثر بهذا القدر أو ذاک بالأفکار المارکسیة."