ملخص الجهاز:
"و نلاحظ من خلال استعراض مختلف أوجه النقص و القصور فی الاتفاق الفلسطینی- الاسرائیلی،أن ما جری فی الواقع لیس مجرد تسویة ثنائیة بین دولة محتلة و شعب یتحری تقریر مصیره و ممارسة حقوقه الشرعیة و بسط سیادته علی أرضه،بل إن هذا الاتفاق یحیل فی ما وراء بنوده الهزیلة إلی أمارات إعادة ترتیب أوضاع المنطقة العربیة،مما یقتضی تصفیة الصراع فی الشرق الأوسط بما یصون المصالح الاسرائیلیة و الغربیة،و یکون ذلک بتقویض النظام العربی و ترکیز«المشروع الشرق أوسطی»الذی أصبحت الأدبیات حوله متوافرة،کما انه دخل مرحلة التنفیذ العملی.
و لا شک فی أن الکثیرین یلمسون هذه المخاطر،و یعون الأهداف الحقیقیة للتسویة،لکنهم یبرزون حالة العجز و الیأس السائدة فی الوطن العربی،و ینطلقون من المعطیات«الموضوعیة» للوضع فی المنطقة،التی أبرز سماتها من هذا المنظور:التفکک العربی و إخفاق مختلف التجارب الوحدویة و الاندماجیة،و العجز عن تسییر الاختلال فی موازین القوی العسکریة بین الأطراف العربیة و اسرائیل،بالإضافة إلی انحسار القطبیة الدولیة و قیام نظام أمریکی أحادی یکرس الهیمنة الاسرائیلیة فی الشرق الأوسط و یحول دون أیة انطلاقة جدیدة للمشروع القومی المتهاوی.
و یبقی السؤال المطروح:ما هو الحل؟و ما هو البدیل أمام الأطراف العربیة التی تجلس الیوم مکرهة علی طاولة المفاوضات؟ إننا لن نطمح فی هذه الورقة إلی ادعاء تقدیم مثل هذا الحل أو البدیل،بل نرید أن نستخلص من التحلیل السابق العناصر الأساسیة التالیة: 1-قد یکون من التجنی حالیا مطالبة البلدان العربیة المنخرطة فی مسار التسویة الخروج من المفاوضات،التی تظل خیارا مفروضا فی ظل الموازین الحالیة و الظروف الدولیة القائمة-إلا أننا نشعر جلیا أن المفاوض العربی أظهر عجزا فادحا فاضحا عن استغلال أوراقه العدیدة التی یمتلکها-بل فی مجرد الوعی بها."