ملخص الجهاز:
"لکن لیس هذا سوی وجه من وجوه تهاونات ابن خلدون و انخراطه فی عقلیة عصره المتطیرة،هذه العقلیة التی لم تکن إذ ذاک تنشط إلا فی إظهار عجز العقل الإنسانی عن التحرک فی تراتب العلل المفضی إلی العلة الأولی،کما کانت تقر بأن کل استعمال«تجاوزی»للعقل یخرجه عن طوره و یسیبه فی«یبدء الأوهام»،حیث المقالة و ضدها من صلب الخطاب الممکن.
أما عن نقد المیتافیزیقا فابن خلدون یصوغ أطروحة قد تذکرنا من وجوه عدة بفکرة کانط (Kant) الثابتة،القائلة باستحالة تمکن العقل الإنسانیمن التوصل إلی إدراک معرفة الأشیاء فی ذاتها،و لعل نصها یظهر هذه القرابة بصفة أوضح:«و أما الموجودات التی وراء الحس و هی الروحانیات و یسمونه العلم الإلهی و علم ما بعد الطبیعة فإن ذواتها مجهولة رأسا و لا یمکن التوصل إلیها و لا البرهان علیها،لأن تجرید المعقولات من الموجودات الخارجیة الشخصیة إنما هو ممکن فیما هو مدرک لنا.
فالأول هو نزال أبی عنان المظفر ضد أسد وحشی،و الثانی-بحسب روایة مبالغ فیها-هو تصدیه بمفرده لبنی عبد الواد أثناء معرکة حول تلمسان بحیث نقرأ هذه السطور الغریبة:«و أما مولانا،أیده الله،فإنه أقدم علی عدوه منفردا بنفسه الکریمة بعد علمه بفرار الناس و تحققه أنه لم یبق معه من یقاتل، فعند ذلک وقع الرعب فی قلوب الأعداء،و انهزموا أمامه،فکان من العجائب فرار الأمم أمام واحد...
کیف یقف ابن خلدون من هذه الهستغرافیا و من المصنفات الأمیریة عموما؟ هناک تقلید یقضی بکتابة التاریخ بأسلوب المشهدیة(أو البانوراما)الکونیة،حیث یأخذ الخیال و الأسطورة علی عاتقهما السرد الذی یقول ملابسات العالم منذ بدء الخلیقة إلی ظهور الإسلام و انتشاره."