ملخص الجهاز:
"و فی وجوب أداء الأعمال فی وقتها یذکر ابن عطاء الله الناس بقوله:«احالتک الأعمال علی وجود الفراغ من رعونات النفس» و یعلق الرندی علی هذه الحکمة قائلا:«اذا کان العبد متلبسا بحال من أحوال دنیاه و کان له فیها شغل یمنعه من العمل بالأعمال الصالحة و أحال ذلک العمل الی فراغه من تلک الأشغال و قال:اذا تفرغت عملت فذلک من رعونة نفسه و حماقة من وجوه:الأول ایثار الدنیا علی الآخرة و لیس هذا من شأن عقلاء المؤمنین و هو خلاف ما طلب الله منه قال تعالی: «بل تؤثرون الحیاة الدنیا و الآخرة خیر و أبقی» و الثانی تسویفه بالعمل الی أوان فراغه و قد لا یجد مهلة بل یختطفه الموت قبل ذلک أو یزداد شغله لأن أشغال الدنیا یتداعی بعضها بعضا کما قیل: فما قضی أحد منها لبانته و لا انتهی أرب الا الی أرب و الثالث:أن یفرغ منها الی الذی لا یرضیه من تبدل عزمه و ضعف نیته.
و هذه الحکمة الی جانب ما فیها من الأدب الصوفی العالی فیها أدب اجتماعی رفیع،فهی تنظم للانسان وقته و تجعله یحسن الاتنفاع به،و کن أضاع الانسان أوقاته سدی فی الوقت الذی یقول فیه الحکماء الوقت کالسیف ان لم تقطعه قطعک،و قد تنبه الأدباء الی قیمة الوقت و ضرورة انجاز الأعمال فی أوقاتها فقال ابن المقفع فی ذلک اذا تراکمت علیک الأعمال فلا تلتمس الروغ منها فانه لا راحة لک الا فی انجازها-أما أدیب عصرنا شوقی فیقول فی بیت سار مسیر الحکمة: دقات قلب المرء قائلة له ان الحیاة دقائق وثوان و من أمثلة ما تتضمنه الحکم من وجوب تصفیة الأعمال و تصحیح الأحوال،ما تدعو الیه من وجوب تحلیة الباطن بالأخلاق المحمودة و تطهیرة من الأوصاف المذمومة- و هذا النوع کما یقول ابن عجیبة یناسب حال المؤمنین الصادقین الذین یقبلون علی الله بهمة و عزم-من أمثلة ذلک قوله:«لا تطلب من الله أن یخرجک من حالة لیستعملک فیما سواها،فلو أرادک لاستعملک من غیر اخراج»."