ملخص الجهاز:
"غیر أن أهم ما یجب التنویة به فی هذا المقام هو الدور السلبی الذی تجاوز فی آثاره السلبیة ما قام به التیاران المذکوران،و نعنی به دور الفئات فی الاقطار العربیة من حیث تمسکها بالسلطة بعد الاستقلال و ترکیزها علی ترسیخ الدولة القطریة و إعطائها الشرعیة الواقعیة و تعمیق الاعتبارات و المصالح القطریة من خلال القوانین و التدابیر المعززة لها،حتی غدت السیادة القطریة من الأمور التی یمنع التعرض لها و المساس بها و کأنها من المسلمات الوطنیة المقدسة،یکرسها الدستور و القوانین المنبثقة عنه،و لم یبن للجانب القومی فی سیاسة الأنظمة العربیة سوی بعض العبارات و الشعارات العامة و الفضفاضة، کالنص فی الدستور علی أن القطر جزء من الوطن العربی،و شعبه جزء من الأمة العربیة،أو عبارة غامضة و عامة تشیر إلی العمل من أجل الوحدة العربیة،ثم أصبحت فیما بعد تعنی التضامن العربی أو التنسیق و التعاون بین الأنظمة مع عدم المساس بالسیادة القطریة، و عدم تدخل أی نظام بالشؤون الداخلیة للنظام الآخر.
و لکن بعض هذه المعاهدات لم یکتب لها النجاح التام،کحلف الدفاع المشترک فی بدایة الخمسینیات و حلف بغداد فی منتصفها و مبدأ ایزنهاور عام 1957 و ذلک لمقاومة الجماهیر لها بدعم من حکومتی سوریة و مصر اللتین اخذتا بسیاسة الحیاد و عدم الانحیاز التی کانت تجسد سیاسة التحرر من الهیمنة الاستعماریة و تدعو إلی تعزیز السیادة الوطنیة و الاعتماد علی الذات(و من ثم تفتح الطریق أمام العرب للسیر فی اتجاه الدیمقراطیة و الوحدة)و لا بد من الإشارة فی هذا المقام إلی أن أمریکا و انکلترا و فرنسا قد أصدرت عام 1950 ما عرف بالبیان الثالثی لحمایة اسرائیل و دعمها إلی الحد الذی یجعلها قادرة علی تهدید الأقطار العربیة و تأدیبها عندما تفکر بالتمرد علی السیاسة الغربیة."