ملخص الجهاز:
"و لما أفضت الخلافة الی بنی أمیة،و أصبح الحکم ضربا من الملکیة الوراثیة،لا سیما بعد عهد الخلیفة عبد الملک بن مروان،فلم یکن بد من ان یستشیر الخلفاء بعض ذوی الرأی،فظهر المشاورو المعین فی أمور القبائل،و أطلق علیه اسم الوزیر.
و الراجح ان مشاغل الخلیفة الکثیرة،و طبیعة الظروف التی کانت تحتم علیه قضاء فترة طویلة من السنة خارج العاصمة، و وجود من کان یثق به الخلیفة ثقة مطلقة حالت دون اشرافه بنفسه علی السکة،فنهج نهجا لا مرکزیا فی الحکم،و أعطی الوزیر مزیدا من السلطة،لکن البرامکة أساءوا التصرف و تجاوزوا الحدود،و اندفعوا وراء بواعث سیاسیة محضة حاولوا من خلالها تحقیق أمجاد شخصیة،و مصالح قومیة،تبرز واضحة فی توقیت عملیة توزیع تلک النقود22.
و علی الرغم من ان اصلاحاته هذه کانت تجابه بمقاومة عنیفة، الا ان الوزیر کان یبدو غیر آبه بها مع علمه أنها قد تعصف به و تزیحه عن منصب الوزارة،و عمل بعض الوزراء علی ایقاف محاولات الجیش المتکررة للتدخل فی الأمور السیاسیة و الاداریة.
تدهور مرکز الوزارة: علی الرغم من تمنع الوزیر بسلطات واسعة، الا أن الخلیفة کان یستطیع متی أراد دون تردد58،لا سیما عندما تبرز ظاهرة تنازع الصلاحیات و عدم وضوحها أحیانا،فیحصل تصادم بین سلطة الخلیفة و صلاحیات الوزیر، فیلجأ الخلفاء الأقویاء الی الحد من تجاوز الوزیر و محاولته التوسع فی الصلاحیات.
و ابان القرن الرابع الهجری،أضحت الوزارة تفقد بعض مراسیمها لأن القوة الضاربة بمیدان السیاسة،هی قوة الجیش،فبرزت ظاهرة قلق الوزارة،و أصبح کرسیها ارجوحة بین المتنافسین،حیث استوزر احد الخلفاء أربعة عشر وزیرا خلال مدة خلافته التی لم تبلغ ربع قرن،الأمر الذی أدی الی عدم استقرار المؤسسات المرتبطة بمنصب الوزارة،و أصبح الوزیر یشعر منذ بدایة تقلده منصبه،انه عرضة للعزل و المصادرة و التنکیل."