ملخص الجهاز:
"و یسیر سیرته ابنه هشام و حفیده الحکم، فیتمسکان بالتقالید العربیة،و کما حقق عبد الرحمن الداخل للأندلس وحدتها السیاسیة حقق لها هشام و الحکم وحدتها المذهبیة فی الفقه الإسلامی إذ عملا علی أن یکون المرجع فیه إلی مذهب مالک فقیه الحجاز المشهور و توثقت هذه الوحدة المذهبیة فی عهد عبد الرحمن الأوسط بن الحکم منذ تولی الإمارة سنة 206 إلی نهایة حکمه سنة 238 إذ کان لا یتولی القضاء فی أیامه إلا فقهاء المذهب المالکی ممن یختارهم مستشاره یحیی اللیثی إمام المذهب فی قرطبة و الناس سراع إلی ما یحقق مآربهم و یبلغون به أغراضهم فانتشر المذهب فی جمیع أرجاء الأندلس و بلدانها و ظل مزدهرا بها طوال عصورها إلی عصر الموحدین فی القرن السادس الهجری و بمجرد دانتهائه عاد إلی المذهب هناک نشاطه و ازدهاره و یجمع المؤرخون علی أن عبد الرحمن الأوسط الذی امتد حکمه إلی أکثر من ثلاثین عاما أول من فخم السلطنة بالأندلس و کساها أبهة الجلالة بما شید من القصور الباذخة و أکمل من أسس الحضارة الأندلسیة المادیة و المعنویة،و قد استحالت قصوره قصورا بغدادیة بما ملأها به من الطنافس و التحف و أدوات الزینة و الریاش الشرقیة،و کا نقد تسامع به التجار فی أنحاء البلاد العربیة و بالأخص فی بغداد فجلبوا إلیه ذخائر منها بدیعة أو اتفق أن ولی عقب انتهاب النفائس التی کانت بقصور الرشید عند خلع ابنه الأمین فجاءه التجار منها بکثیر من التحف و الطرف،من ذلک عقد شهیر من الجواهر الکریمة للسیدة زبیدة زوج الرشید و قد أهداه لزوجه المحبوبة طروب،و جاراه و زراؤه، و أعیان قرطبة فی اتخاذ نفیس الریاش و الأثاث و التحف البدیعة مما دفعه إلی إقامة مصانع فی عاصمته لإنتاج الأقمشة و المنسوجات الفاخرة المشبهة لما کان یصنع ببغداد مما جعلها أختا غربیة لها و طبعها بطوابعها العربیة،أو بعبارة أدق بطوابع حضارتها المادیة،و سنری هذه الظوابع تزداد اکتمالا عما قلیل."