ملخص الجهاز:
"و یصبح العالم امبراطوریة هو امبراطورها،و لیس هناک شک فی أن عصر الاستعمار سول له هذا التخیل و کان الشکل العرقی الذی یرضیه هو السیطرة من أجل تغریب العالم: و تغریب العالم یعنی سیطرة الرجل الأبیض علی العالم و تحقیق سیادته؛إذ الناس فی نظره لا یمکن إن یکونوا کلهم سادة و متساوین.
لقد کان نظام الأطماع و افتراس الضعیف و سیطرة الأقوی-و لا بد للتنافس المتصارع بین مختلف الدول الأوروبیة-و افتراس الشعوب المغلوبة أن یؤدیا مع الزمن إلی أزمة للسیادة و إلی انحلالها- ذلک أن البلدان الأقوی فی السیطرة سیاسیا علی العالم یدخل فی تناقض مع الحق المتساوی للشعوب،و هو أساس السیادة القومیة و هی حق الشعوب جمیعها و لا وجود لنظام عالمی بدونها.
و کانت الحداثة کمطلب قومی للشعوب للنهوض من کبوتها مصدر کوارث مشئومة علی الاستعمار و التغریب أعانت الشعوب علی فقد ثقتها به، و استعادت ثقتها بتلاؤم قیمها مع ترثها و هویتها الوطنیة و التاریخیة،و تشکف بوضوح للغرب نفسه حدود رسالته الحضاریة،و بان للشعوب أن الحضارة و التقدم یمکن أن ینموا دون وصایة غربیة و أنه لا ازدهار للشعوب ما لم تملک زمام قیادتها بنفسها و تحکم سیاستها الاقتصادیة و هذا هو الشرط الحضاری الضروری للازدهار.
و قامت التقینة بما لم یقم به الاستعمار بتهیئة الأمم و الشعوب للخضوع بلا نفور لمقتضیاتها و کانت وسائله إلی التغریب هی: *سیطرة الغرب علی الاقتصاد و التنمیة: أحدث الاستعمار انقلابا عمیقا فی الهیاکل الاقتصادیة لکافة مناطق العالم،حتی أقاصی المعمورة و تأثرت کافة الشعوب بعمل السوق العالمی،و تسهم فی التقسیم الدولی للعمل،و من خلال قلب أوضاع التنظیمات التقلیدیة للإنتاج و الاستهلاک بواسطة متطلبات السوق،و قوانین المنافسة،و العنف المکشوف،و صنع التقنیة الثمنیة للاتصال أقامت أوروبا سوقا عالمیا واحدا."