بشر العرب - مجلة الهلال مقالة

"و هذا الاحساس هو ما یبعث کل واحد علی الفکر فی أحوال أمته،لیجعل جزءا من زمنه للبحث‌ فیما یرجع الیها بالشرف و السؤدد،و ما یدفع عنها طوارق الشر و الغیلة،و لا یکون همه بالفکر فی هذا أقل من همه بالنظر فی أحواله الخاصة،ثم لا یکون نظرا عقیما حائرا بین جدران‌ المخیلة دائرا علی أطراف الألسنة،بل یکون استبصارا تتبعه عزیمة یصدر عنها عمل یثابر علی‌ استکماله بما یمکن من السعة،و ما تحتمله القدرة علی نحو ما یکون من استحصال مواد المعیضة بلا فرق،بل تجد الانفس ان شأن الأمة فی المکان الأول من النظر،و الدرجة الأولی من الاعتبار،و الشئون الخاصة فی المنزلة الثانیة منهما،و لا تقف فیما تجد عند جلب‌ المصالح و درء المفاسد لأوقاتها الحاضرة،بل یأخذ العقلاء منها سبلا من التفکیر،و یخترطون‌ سیوفا من الهمة لیصیبوا من سعیهم شوارد من القوة و یستخرجوا دفائن من الثروة إذا بلغ الاحساس من مشاعر أفراد الأمة إلی الحد الذی بیناه رأیت فی الدهماء منهم‌ و الخاصة همهما تعلو،و شیما تسمو،و اقداما یقد،و عزما یسوق،کل یطلب السیادة و الغلب، فتتلاقی هممهم و تتلاحق عزائمهم فی سبیل الطلب،فیندفعون للتغلب علی الذین یلونهم کما تندفع السیول علی الوهاد،و لا تقف حرکتهم دون الغایة مما نهضوا الیه قال صاحب الشرع:«ان المؤمن للمؤمن کالبنیان یشد بعضه بعضا»و ان المؤمن ینزل‌ من المؤمن منزلة أحد أعضائه،إذا مس أحدها ألم تأثر له الآخر."