ملخص الجهاز:
"و هکذا یلخص التحول فی الإقطاع بتعمیمه علی الجند بدل العطاء،و یفرضه علی مختلف أنواع الأراضی،بما فیها أرض الخراج و الملکیات الخاصة،مما أدی إلی بدع أخری کربط الفلاح بالأرض و إلزامه بفروض جدیدة2.
و الذی أراه هو أن«الإقطاع»اکتسب بمرور الزمن مفاهیم متعددة،من منح أرض بملکیة دائمة أو مدی الحیاة أو لفترة محدودة،إلی منح وارد الأرض بدل العطاء و بعد أن کان الإقطاع من الصوافی و الأرض الموات و من ضیاع الخلافة،اتسع إلی الأراضی الخراجیة.
و هذا یعنی-برأیه-أن التوسع فی الإقطاع العسکری فیما بعد،لا یدل علی تحول فی طبیعة الإقطاع،بل یشیر إلی ازدیاد أهمیة الجند و دورهم،و بالتالی نقل الامتیاز الذی یتمثل فی الإقطاع إلیهم1.
ففی القرن الرابع حصل النبلاء علی حق الحمایة (Autopragia) ،و ذلک یعنی عدم دخول الجباة أراضیهم،و دفعهم للضرائب بصورة مباشرة،و هذا الامتیاز مع ظلم الجباة و عسفهم،جعل الملاکین الصغار و أهل القری یضعون أراضیهم تحت حمایة النبلاء،لیتحولوا إلی مزارعین أو فلاحین یرتبطون بالتربة.
و قد اعتبر الإسلام الفلاحین أحرارا، لهم أن یترکوا الأرض إذا شاؤوا،و صارت الهجرة من الریف إلی المدن ظاهرة مألوفة بل واسعة لدرجة هددت الزراعة-کما فی العراق و لحد ما بمصر- مما جعل بعض الأمراء یفکر بتدابیر لمعالجة الوضع4.
فالجند الأتراک فی واسط و الأهواز و البصرة لم یکتفوا بما خصص لهم من وارد الإقطاعات،بل إنهم کما یقول مسکویه:«تجاوزوا إلی الدخول فی التلاجیء،فملکوا البلاد و استطالوا علی العمال»،و یضیف:«فاقتنوا الأملاک و حاموا علی قوم علی سبیل التلاجیء فغلبوا علی حقوق بیت المال»، و هکذا أصبحت مساحات کبیرة من الأراضی و الضیاع ملک الجند."