ملخص الجهاز:
"و لکن هذه العلاقة الحمیمة بین الطرفین لم تدم طویلا،فظهرت بوادر التأزم بینهما منذ نهایة القرن الثامن عشر و بدایة القرن التاسع عشر بسبب التحول الاقتصادی الذی شهدته الجزائر و المرتبط بنضوب موارد القرصنة التی کان یعتمد علیها الاتراک فی تدعیم نفوذهم و سیطرتهم فیها،و بسبب خلو النیابة من موارد اقتصادیة کافیة لتلبیة احتیاجات الحکومة الترکیة المالیة للمحافظة علی استقرارها و الحیلولة دون ثورة الجند،و لم یجد الاتراک وسیلة لتوفیر المال الا بمضاعفة الضرائب علی الاهالی و تجرید الحملات العسکریة المتتالیة لارغامهم علی الدفع2.
فبعد ان تحقق الاتراک بانه لیس هناک ادنی شک فی مناصرة سلطان المغرب للثورة،عمد هذا البای الی الوسائل الدبلوماسیة و استعمال الدهاء السیاسی لاتقاء شر الدولة المغربیة،و الی اشد انواع القمع و الارهاب ضد الثوار40،فعمل علی التقرب الی القبائل ذات الصلة بالثورة و التی کانت تتمتع بنفوذ فی المنطقة بمصاهرة قبیلة الحشم،و کانت من الد اعداء الاتراک،و الدافع الذی دفعها الی الارتماء فی احضان الاتراک و الاتفاق معهم هو التخوف من القاعدة الشعبیة المؤیدة للطریقة الدرقاویة،التی بدأت تلقی تجاوبا شعبیا واسعا،و خاصة اذ عرفنا ان هذه القبیلة تتزعمها الطریقة القادریة بقیادة الشیخ محی الدین والد الامیر عبد القادر، و التی لا ترضی بمنافسة طریقة اخری لها علی القبائل.
فی النهایة،لا بد لنا من التساؤل؟هل کانت ثورة الطریقة الدرقاویة فی الناحیة الغربیة من النیابة مجرد محاولة سیاسیة قام بها سلاطین المغرب الاقصی،العدو التقلیدی لاتراک الجزائر،بواسطة أعوانهم،لاختبار مدی قوة النظام الترکی المجاور لهم بعد أن فشلوا فی مواجهته عسکریا،فحاولوا ان یفجروه من الداخل باثارة الفتن و الاضطرابات عن طریق اغراء ابن الشریف بواسطة شیخه مولای العربی الدرقاوی للقیام بالثورة،و بالتالی ارغام الاتراک علی الاعتراف بالحقوق التاریخیة للمغرب فی الجهة الغربیة من النیابة.."