ملخص الجهاز:
"لذلک،فإنه کلما قام مذهب جدید أو نظریة حدیثة،ینشط التساؤل العالمی لیقول:ما هو موقف الإسلام من هذا الحدث؟ یقول مؤرخو الحرکات القومیة:إن القومیة ولدت فی القرن التاسع عشر،فهی حدیثة عهد فی الذهنیة السیاسیة،و لهذا وجدنا من الکتاب1العرب من یزعم بأن الأمة العربیة لیست قدیمة العهد،فإنها لم تولد إلا فی أواخر القرن الماضی کغیرها من الأمم الحدیثة،علی اعتبار أن مفهوم الأمة هو مفهوم القومیة،حتی أنه لیعتبر أن الذین یعتقدون بأن الأمة العربیة قدیمة العهد تکونت مع ظهور الإسلام مخطئون؛لأنه لیس لرأیهم مستند علمی؛و لأن الرسالة الإسلامیة-فی نظره-و إن وحدت العرب و قضت علی أسباب بغضائهم و انقساماتهم،لکنها لم تجعل منهم أمة بالمعنی العلمی لهذه الکلمة؛لأن الأمة فیما زعموا تمثل مفهوما تاریخیا لم یظهر،إلا فی عهد الرأسمالیة!و هذا زعم باطل.
وقد شاع هذا التعریف حتی اکتسب وضوحا أکثر فی المؤلفات القانونیة التی صدرت بعده،فقد جاء فی أحد هذه المؤلفات تعریف القومیة کما یلی: «الأمة،هی اجتماع سکان مقاطعة واحدة لهم لغة واحدة،و قوانین واحدة،و أصول واحدة،یجمعهم انسجام جسدی و مؤهلات أخلاقیة واحدة،و وحدة فی المصالح، تفاعلت منذ زمن طویل،و انصهار الوجود الناتج عن حقب زمانیة موغلة فی القدم، تعود إلی ما قبل التاریخ الجلی،و بکلمة (قومیة)نفهم وجود(الأمة)1.
ففی هذا الوطن،لم یکن للملوک حقوق تختلف عن حقوق الأفراد،کما لم یکن لهم حق التصرف فیما تحت أیدیهم من المدن و البلاد و العباد،مثلها لم تکن لبلاطاتهم تقالید إرثیة أو زواجیة خارجة عن القانون العام،و لا کانوا کذلک مصدر القانون و السلطات-بل کانت الشریعة الإسلامیة هی القانون النافذ،و حقوق الأمة،هی المحور الذی تدور علیه هذه الشریعة،و نجد مصداق ذلک فی المبدأ الشبیر(التصرف علی الرعید منوط بالمصلحة)و هی مصلحة الأمة لا مصلحة الملوک أو مصلحة البلاط."