ملخص الجهاز:
"و تقدیرنا ان العجز عن تطویر هذا النموذج مرتبط بالقاعدة المعرفیة الاساسیة اللازمة له و التی تتمثل فی بناء نظری متکامل و متماسک یمکن أن یفسر التغیر المجتمعی فی العالم الثالث عموما،و فی الوطن العربی علی وجه الخصوص،بحیث یمکن،بالتالی،ان یکون هذا البناء النظری مرتکزا علی تصمیم اسلوب للتغیر المجتمعی الذی هو عماد التنمیة،او ما یمکن ان نطلق علیه نموذج للتنمیة.
و نقدم فیما تبقی من هذه الدراسة محاولة اولیة لنظم بعض المکونات المعیاریة،و المشتقة من مراجعة فکر التنمیة فی الوطن العربی و الغرب التی قدمناها اعلاه،فی هیکل منطقی یتلمس بدایة للطریق الی نموذج عربی للتنمیة.
و لکن،اذا کنا سنتعامل مع اکثر من بعد مجتمعی،یثور منطقیا التساؤل:ماذال ستکون العلاقة بین هذه الابعاد؟ما هی العلاقة بین القطاعات الاقتصادیة المختلفة؟و کیف تنتظم سیاسات التصنیع المختلفة لتحقیق إشباع الحاجات الاساسیة و بناء القدرة الذاتیة؟و کیف تتعایش التکنولوجیا الحدیثة مع التقلیدیة؟ و هنا تظهر اهمیة شق التماسک و الکفایة من المبدأ الناظم،و یعنی ان تلتئم الممکنات فی شبکة منطقیة متسقة منطقیا و متعاضدة فی تأثیرها من جانب،و کافیة لتغطیة کم حرج من ابعاد النسق المجتمعی بما یضمن ان یکفی العمل علی هذه الممکنات لتغییر المجتمع فی الاتجاه المطلوب،و بما یلزم،لتحقیق غایات التنمیة من جانب آخر.
و تشمل قائمة الخسائر هذه قلة فرص العمل المتحققة،و اعتماد تکنولوجیا طورت فی بلاد الغرب المصنعة التی یختلف فیها توزیع عناصر الانتاج جوهریا عن العالم الثالث،و المساهمة فی تحریف نسق توزیع الدخل لمصلحة النخب البرجوازیة و الاداریة و الفنیة و حتی عمال الصناعة(بالمقارنة بالفلاحین و الفقراء فی الحضر)بینما لم یحقق هذا التصنیع الاستقلال الاقتصادی بالدرجة المرغوبة،بل تسبب احیانا فی قیام اختناقات فی النقد الاجنبی نظرا للحاجة الی استیراد المواد الخام و الوسیطة و قطع الغیار107."