ملخص الجهاز:
"و السؤال المطروح هو:ما الذی یجعل مجتمعا یفضل اختیارا علی آخر؟یمکن للطریقة التی لخص بها السیر لویس نامیی( Lewis Namier )التطور المتباین للدول و الامم الاوروبیة ان تفیدنا فی التقدیم للوضع العربی و الاحاطة به یقول نامیی انه حیثما تحقق الالتحام بین الدولة و الامة منذ حقبة طویلة فإن الوطنیة تجسد تعبیرها فی ابراز الحریة،الحریة المستحقة و المکرسة بواسطة مؤسسات حرة،و التی صارت نموذجا لبقیة العالم.
فماذا عن الصراع بین الحرکة الوطنیة و الحرکة السلفیة و بین هذه و الاتجاه اللیبرالی؟و کیف یمکن تقویم الافکار اللیبرالیة و المارکسیة فی مجابهة النظرة التقلیدیة للحکم؟ من المهم اولا ان لا ننظر للمذاهب السیاسیة الجدیدة فی حد ذاتها کمنظومات علمیة متماسکة،بل یجب بدلا من ذلک ان نضعها فی الوسط الذی یتبناها و نکشف عن الوظائف التی تقوم بها فعلا داخل المجتمع الذی تنتشر فیه.
و اذا کان صحیحا ان اللیبرالیة الدستوریة لم تتمکن من مجابهة قضیة من سماهم طه حسین قبل فرانز فانون«المعذبون فی الارض»،و اذا کانت عاجزة عن افراز و تجسیم قضیة اخلاقیة سامیة، الا یعکس ذلک بالدرجة نفسها مواطن ضعف المجتمع العربی؟مجتمع قلیل التقبل لمعنی المبادرة یقاوم مقتضیات العقلیة و یضع مصیره بأیدی زعامات کاریزمیة فی انتظار خلاص جماعی هو من قبیل المعجزة؟کل هذه العوامل تتضافر لمنع البحث عن الدیمقراطیة،و طرح قضیة السلطة و شکل الدولة بطریقة مباشرة.
و بعد ان بینا افلاس الصیغة المتبعة لحد الآن،فإنه یتعین الاعتراف بأن قدرا من الحریة صار یمثل ضرورة وظیفیة و حیویة لبقاء الوطن العربی،و هذا سواء فیما یتعلق ببناء المجموعة العربیة او بالتطور الاقتصادی و الاجتماعی،او الحفاظ علی هویة واثقة من نفسها،و متجذرة فی عالم الیوم."