ملخص الجهاز:
"وقد وجد فی دروس هذا العالم الجلیل المتمیز فی علوم الآلات أی اللغة و النحو و التفسیر و البلاغة و النحو و المنطق و ما الی ذلک بغیته المنشودة فکان یستوعب کل شاردة و واردة ثم یعود بعد متوع الشمس الی البیت فیستذکر ما وعاه و کأنه القوت المرجو و الزاد المطلوب ثم یطالع ما یعن له من کتب أخیه مشغوفا بالمطالعة فی الکتب الصفر و البیض و ما تشتمل علیه من متون و حواش و تعلیقات و شعر.
و علمت حتی ما أسائل واحدا عن علم مسألة لکی أزدادها و کان الفتی فی الصف العاشر حین خطر لأستاذ اللغة الفرنسیة السید أوزو أن یقیم شبه ندوة مسائیة بسیطة فی المدرسة مرة فی الأسبوع یجمع فیها بعض المعلمین و المعلمات فی المدارس الابتدائیة و التلامذة المتقدمین فی مدرسة التجهیز و یعرض علیهم قصائد من الشعر الفرنسی فی شتی الاتجاهات و لا سیما الرومانسی و البرناسی و الرمزی.
و هکذا استطاع أن یقطف بعد اجازتی العلوم و الآداب خمس شهادات فی الدراسات الفلسفیة العلیا و أن یهییء أطروحة الدکتوراة فی الفلسفة بمعدل أکثر من شهادتین فی السنة الواحدة و من المناسب أن نذکر أن تصنیفه کان الأول فی شهادة علم الجمال و فلسفة الفن التی کانت جامعة باریس وحدها متخصصة بها.
و أستطیع أن أقول عن ذلک الفتی الناشیء الذی تغرب الی باریس و بالنظر الی سعة قلب المحب المؤمن أنه حمل معه فی قلبه حمص کلها بأحیائها القدیمة و مروجها و کرومها و المدارس التی تعلم فیها و مشایخه و زملائه و معارفه و منازه عاصیها(الدویر و المیماس و الجدیدة و الخراب و المزرعة)ولم تفارقه صورهم و شؤونهم حتی یومه هذا و لکنه أیضا لسعة قلب المؤمن المحب حمل فی قلبه صور بلاد الشام ما عرفه منها بنفسه و ما قرأه من طارف و تلید."