ملخص الجهاز:
"و نفس الامر نجده بالنسبة لارباب الانتاج الصناعی،و خاصة ما یطلق علیه ضریبة الاستهلک التی ذهب ضحیة تطبیقها معظم المنتجین الصناعیین فی مصر إلی ساحة القضاء کمجرمین و أیضا هو حال التجارة و الاستیراد و التصدیر و حتی البناء أی انه و باختصار شدید فان کافة أوجه النشاط فی المجتمع المصری مکبلة بتشریعات تحمل کلها سیف العقوبة السالبة للحریة علی رقاب الناس،مما یترک لدی المواطن المخاطب بهذه القوانین انطباعا بأن الغایة من اصدارها هو تقیید حرکة المواطن و تکدیر حیاته العملیة فیظل یمارس نشاطه و هو مهدد بها،فی حین أن ذلک لیس هو الحکمة من تشریع تلک القوانین التی انما جاءت لتنظم حیاة الناس فی ممارستهم لاعمالهم و أنشطتهم فی مجالاتها، و لکن النص فیها علی العقوبة المغلظة-أی السالبة للحریة-أفقدها تقدیر المواطن لها و شوهها و لعل الأمثلة لا تحصی و لا تعد فی هذا المقام بسبب کثرة ما تلاحقنا به هذه القوانین من حیث العدد فأصبح المشتغلین بالقانون فی القضاء و المحاماة،قد تعذر علیهم اللحاق بها للالمام بمفرداتها.
أما عن المثال الثانی: و الخاص بالقانون 601 لسنة 67،فیثور بشأنه تساؤل هام و هو هل قامت الدولة بحل مشاکل الاسکان فی مصر،بتوفیر المساکن اللازمة لمواطنیها أو حتی قامت بتخطیط المناطق الصحراویة-و ما أکثرها فی مصر،و المتصلة بالمدن العدیدة و ربطها بالمرافق ثم أعلنت عن هذه المخططات بشکل عام لسکان کل محافظة لیلتزم من یرید الخروج للبناء علیها،و یدفع عن الدولة کاهل توفیر السکن لکل محتاج و ذلک کله حتی نجد سیف هذا القانون ینزل بعقوبة الحبس و الازالة علی کل من قام ببناء صغیرا کان أو کبیرا یستر فیه أسرته بدلا من العیش فی المقابر أو مساکن الایواء أو حتی المخیمات التی أصبحت ظاهرة لیست بحدیثة-تقام فی الأزقة و الشوارع التی تهدمت فیها منازلهم؟و اذا کان هذا القانون قد جاء لیعالج ظاهرة العمارات الشاهقة التی شیدها قلة من الجشعین فانهارت بعد فترة وجیزة من تشییدها-فهل من المنطقی أن یتسع النص لینطبق حتی علی کل من یرید (اجراء تشطیبات خارجیة لمنزله)أو یضیف غرفة."