ملخص الجهاز:
"و من هنا کان الحدیث عند المتکلمین أهم خصائص العالم،بینما القدیم أهم صفات الله،و إن لم یکن هو الله ذاته،لقد میز المعتزلة،کما قلنا،بین الإله المفارق و بین العالم تمییزا شدیدا،و تجلی ذلک التمییز فی مبدأ التوحید و التنزه الذی آمنوا فیه بقوة..
و لکننا نری أن السبب الرئیسی لموقف المعتزلة من التوحید هو إثبات المعتزلة الکاملة بین الله و العالم،و ذلک لتأکید وجود العالم الذی یخضع للقوانین و تحکمه السببیة فی مقابل الوجود الالهی،و کذلک لتأکید الوجود الإنسانی من خلال موقفهم الإیجابی من الحریة و مسؤولیة الإنسان عن أفعاله کما سنری..
و عند المعتزلة توجد رابطة وثیقة بین الجوهر و العرض یمکن علی أساسها أن نفسر رؤیة الجوهر بواسطة رؤیة العرض أو العکس، و لهم فی ذلک ثلاثة مواقف رئیسیة هی: 1-الموقف القائل برؤیة الأجسام و الأعراض،«بمعنی أن الأجسام تری و کذلک الحرکات و الکون و الألوان و الاجتماع و الافتراق،و الإنسان یری الحرکة إذا رأی الشیء ساکنا».
حیث نجد مباحثه فیما عدا ذات الله مشبعة بآراء طبیعیة،و معظمها یدور حول أمور مادیة محسوسة،بل إنه یحسم بعض الموجودات الروحانیة کالنفس التی یعتبرها،جسما لطیفا مشابکا للبدن، مداخلا بأجزائه مداخلة المائیة فی الورد،و تأکیدا لمذهب الحس هذا فقد ذهب إلی:أن الألوان و الطعوم و الروائح و الحرارة و البرودة و الأصوات و الآلام أجسام لطیفة،بل یحکی عنه أنه قال:إن الخواطر أجسام!و لذا فهو ینکر الأمور المجردة من الحس«فالطول عنده هو الطویل،و العرض هو العریض.
لکننا یجب أن نشیر هنا إلی أن هذه النزعة الحسیة و إنکار الصفات الذهنیة عند النظام هی فی العالم الطبیعی فحسب،أما فی ما بعد الطبیعة فهو موحد مؤمن و ینزه الله عن جمیع صفات المخلوقات.."