ملخص الجهاز:
"تجنبا لهذا القفز فوق«لحظة الوعی بالمفهوم»،و ما ینتج عنه من مشاکل تحجب الرؤیة الصحیحة،سنقوم أولا باستکناه مفهوم البولیفونیة فی حقل الموسیقی(أی الوعی به داخل مجاله الأصلی)،ثم ننتقل بعد هذه الخطوة إلی معاینة البولیفونیة الروائیة(أی الوعی به داخل مجاله المجازی)،لنتمکن فی النهایة من بلورة بعض النتائج،تساعدنا علی فهم الروایة البولیفونیة،و تحدید علاقتها بالروایة المنولوجیة.
و هناک أیضا التألیف الموسیقی القائم علی مجموعة من الأصوات ذات الجنس الواحد، بحیث تسمع مجموعة من الأصوات أو النغمات المختلفة فی آن واحد،إلا أن هذه الأصوات تتکون من لحن أساسی له الصدارة،تسانده مجموعة من الأصوات الأخری التابعة له،التی لیس لها من أهمیة لحنیة أو استقلالیة إیقاعیة،ما یرقی بها إلی الوقوف فی مستوی کامل القیمة مع اللحن الأساسی.
أما التألیف الموسیقی المتعدد الأصوات،و الذی یصدق علیه مفهوم البولیفونیة،-و هو النمط الثالث-فهو یقوم علی تقابل مجموعة من الألحان المتزامنة و تشابکها(لحنان أو أکثر)بحیث یکون لکل لحن منها کیانه الإیقاعی و النغمی الممیز له،و بالرغم من هذا التعارض و التشابک تکون فی ما بینها وحدة فنیة مترابطة.
ما هی إذن أهم سمات الروایة البولیفونیة فی تصور«باختین»؟ إنها جملة من الخصائص الترکیبیة و الأسلوبیة و الدلالیة،التی تطبع الخطاب الروائی،و تجعل رؤیة النص الروائی لا تنتسب إلی المؤلف وحده،بل إلی شبکة من الشخصیات التی تتخلل خطاب الروایة،و یکون المبدأ الأساسی الذی ینتظم النص الروائی هو التعدد الصوتی،الذی یحتفظ للشخصیات بنوع من الاستقلال فی التعبیر."