ملخص الجهاز:
"فقد کانت المقرطة مدفوعة فی هذه الدول بعدد من العوامل المتشابهة،حیث واجهت النخب الحاکمة فی هذه الدول ضغوطا متعددة، بما فی ذلک مشکلات اقتصادیة و اجتماعیة هائلة نتیجة لزیادة السکان و التحضر علی مدی عقدین من الزمن،و هو ما ولد مطالب جدیدة و توقعات جدیدة لدی الجماهیر،کما ان انخفاض اسعار النفط و ارتفاع اسعار الواردات بصورة مستمرة منذ منتصف الثمانینات جعل الکثیر من الدول العربیة عاجزة عن دعم السلع الاساسیة او تقدیم الخدمات او خلق الوظائف،کما شهد الکثیر من الدول العربیة ازمات دیون،مما دفعها- تحت تأثیر توصیات صندوق النقد الدولی-الی رفع اسعار السلع الغذائیة،و هو ما تسبب فی وقوع اضطرابات فی عدد من الدول العربیة، و ابرزها مصر و المغرب و السودان و تونس و الجزائر و الاردن.
و قد ادت هذه الضغوط الی اقناع النخب الحاکمة بانها یجب ان تطبق قدرا من اللیبرالیة علی نظمها حتی یمکنها البقاء و من ثم،فان التحول الدیقمراطی اللیبرالی کان تکتیکا للبقاء،الا ان النظم الحاکمة سرعان ما تراجعت عن ذلک بعد ما بدا لها ان هذا التحول سوف یمکن المعارضة الاسلامیة من الاقتراب بدرجة خطیرة من السلطة،و لا سیما ان الجماعات الاسلامیة کانت قد حققت نجاحات هامة فی کل من مصر و السودان و الکویت و لبنان و تونس و الیمن و الاردن و الجزائر.
و بالتالی،فان هناک اختلافات بین الاسلامیین بشأن وسائل تحقیق اهدافهم المتمثلة فی تحویل المجتمع نحو القیم الاسلامیة،الا ان المشکلة- من وجهة نظر الکاتب-تتمثل فی ان النخب الحاکمة و العلمانیة تتعرض لتحدیات خطیرة من جانب کل من الاسلامیین المعتدلین و المتطرفین علی حد سواء،لان مطالب الاسلامیین تمثل تحدیا-ان لم تکن تهدیدا-للدولة و للنخب المتمتعة بالمزایا فی معظم الدول العربیة تقریبا،مما یدعوها الی مقاومة الجماعات الاسلامیة بنوعیها،و ذلک من خلال طائفة متنوعة من التکتیکات تتراوح بین التعاون و الی القمع الشدید."