ملخص الجهاز:
"و إذا کانت دول من الجنوب تمیزت بقدرات عالیة فی التصنیع و التطور التقانی و التصدیر مثل کوریا الجنوبیة و تایلاند و مالیزیا تواجه منذ شهور أزمات عاتیة فی البورصات و أسواق المال و النقد المصرفی و الاستثمارات بفعل الاندماج المتسارع فی تدفقات البورصات و الاستثمارات و مظاهر العولمة الأخری و إنفاق الأموال فی أشکال استهلاکیة ممعهنة فی البذخ و الترف،فکیف یکون مآل أقطار عربیة و هی تندمج فی موجات العولمة و هی تسجل تراجعا فی معدلات النمو و الاستثمار و الدخول القومیة و متوسط الدخل الفردی و تئن من التضخم و البطالة و الأمیة و مشاکل التعلیم و الصحة و الإسکان و ضعف البنی التحتیة و الأساسیة،و من تآکل الشرعیة السیاسیة و الثقافیة و الأیدیولوجیة للدولة القطریة نفسها،و من ازدیاد ضغط هذه الدولة علی المجتمع الأهلی و توجیه المزید من الإنفاق الحکومی علی أجهزة الأمن و الاستخبارات و القضاء الاستثنائی و المحاکم العسکریة...
العولمة و مخاطر التهمیش للعرب: کیف تتعامل القوی الرأسمالیة الکبری الفاعلة و القائدة للعولمة مع عالم الجنوب؟فی واقع الأمر یضم هذا العالم مناطق مهمشة،یتم التعامل معها انطلاقا من أن معونات التنمیة الرسمیة هی فی طریقها الآن للاختفاء باستثناء ما یمکن أن یقدم من معونات استثنائیة فی ظروف بالغة القسوة و مؤقتة،و فی الواقع إن ما یعرف بـ«الشراکة»التی تبشر بها الدول الصناعیة فی الشمال ما هی إلا تجسید للبدیل عن المعونات الموجهة إلی التنمیة،و یتمثل مفهوم المشارکة أو الشراکة فی قدر ضئیل من المعونة الفنیة علی أن یتولی الإسهام فی تمویل مشروعات التنمیة الاستثمار الأجنبی المباشر،حیث لم یعد من مهام الدولة فی ظل طغیان أیدیولوجیا السوق-الاستثمار و الإنتاج2،و هکذا رفع عدید من الساسة و الکتاب فی الغرب دعوات تقول إن زیادة معدلات البطالة و الفقر فی الدول الصناعیة تقتضی«عدم تبدید الموارد فی الخارج»3، أی عدم توجیه معونات للدول المهمشة التی کانت تعرف بالدول النامیة."