ملخص الجهاز:
"3-و أخیرا فإن الأمر الأمیری المذکور لا محل له وفقا للتنظیم الدستوری بل انه یمثل اعتداءا صارخا و صریحا و مباشرا علی أحکامه،و یکفینا شاهدا علی ذلک أن الأمر قد تجاهل الدستور کأساس لوجوده(علی اعتبار أن الدستور مصدر المشروعیة للقواعد القانونیة فی الدولة)حیث لم یرد ذکر الدستور فی دیباجة هذا الأمر،بل ان الأمر قد قصد ذلک حینما عمد إلی ذکر الأمر الأمیری الخاص بحل مجلس الأمة (1)ان امعان النظر و اعمال الفکر فی الأمر الأمیری من جهة،و دراسة المجلس الوطنی الذی یعد مجلسا من المجالس الاداریة الاستشاریة التابعة للسلطة التنفیذیة من جهة أخری قد یحمل البعض علی الاعتقاد بأنه لیس هناک مجال للحدیث عن مخالفة دستوریة و وثیقة دستوریة،إذ أن الأمر الأمیری قد أنشأ مجلسا اداریا تابعا للسلطة التنفیذیة دون أن یکون هذا المجلس أحد السلطات الدستوریة الثلاث المقررة وفقا للمواد 50،51،52،53 من الدستور و حتی لو قبلنا بهذا التحلیل،فان عمق النظر فی الموضوع و تحلیل مضمونه و ابعاده بشکل دقیق یوصلنا إلی نتیجة لا یمکن أن یثور خلاف بصددها و هی أن الأمر قد تحدث عن السلطة التشریعیة فی مادته الثانیة حینما أشار إلی اجراءات اصدار القانون و المراحل التی یمر بها و هی اقتراح مجلس الوزراء أو المجلس الوطنی-ثم احالة الموضوع للمجلس الوطنی للمناقشة-ثم اعادته لمجلس الوزراء للمناقشة و الاقرار ثم رفعه للأمیر للتصدیق علیه قبل صدوره،و الأمیر هنا یملک حق التصدیق المطلق اذن واضح من هذه المراحل انها المراحل ذاتها التی تمر فیها العملیة التشریعیة تحت قبة مجلس الأمة،و هو ما یؤدی کنتیجة منطقیة و قانونیة سلیمة إلی أن ما أورده هذا الأمر و ان کان قد أوجد مجلسا-اداریا استشاریا هو المجلس الوطنی،إلا أنه فی الوقت ذاته قد عمد إلی بیان و تحدید السلطة التشریعیة التی ستتولی اصدار القوانین خلال فترة الانتقال علی النحو السالف الذکر بما تضمنه ذلک من افساح المجال لمساهمة المجلس الوطنی-بصفة استشاریة-فی العلمیة التشریعیة."