ملخص الجهاز:
"فلقد کان الهدف من الأخذ بنظریة الأعمال التجاریة بالتبعیة فی الاجتهادین الفقهی و القضائی فی فرنسا،و فی البلدان النظم المشابهة،متمثلا فی توسیع باب اختصاص القضاء أمام أنواع معینة من الدعاوی،و تیسیر الأمور علی أوساط التجار من حیث إخضاع کل ما یتصل بأعمالهم التجاریة إلی قانون خاص و قضاء خاص یلتقی تحت مظلته جمیع أطراف العلاقة أو النزاع علی قدم المساواة فی مؤسسة حقوقیة و قضائیة واحدة.
و إن القراءة المدققة تفسح المجال للقول بأن الانتقادات التی وجهت لفکرة«التجاریة بالتبعیة» أقوی لدینا من حجج المدافعین عنها،فی إطار النصوص النافذة عندنا و هذا هو السبب الذی طرح تساؤلنا:لماذا یأخذ قضاؤنا برأی أنصارها،و لا یلتفت إلی آراء خصومها،و ما سبب ترجیح أحد وجهی العملة الواحدة؟ لعل الأمر یحتاج إلی بعض الجهد فی التتبع و التقصی بهدف معایرة موازین الموضوع عن طریق الربط بین المادة الثانیة،و المادة(344)،دون إهمال المادة الأولی من نظام المحکمة التجاریة.
و فی ضوء ما احتواه هذا المدخل،مستقلا،أو ضمیما إلی المدخل الأول لا نجد مناصا من القول بأن القضاء التجاری هو المختص فی منازعات عقود النقل من نظائر الدعوی التی عرضنا وقائعها،و هو المختص أیضا فی کل ما ینظر إلیه علی أنه أعمال التجاریة بالتبعیة.
و یکفی أن نتساءل من أجل ذلک بما یلی: -ما السبب لتجرید مرکز المنقول له من الصفة التجاریة فی عقد النقل،أو ما التعلیل و الحجة و المعیار لإخراجه(عندما یبرم عقد نقل)من دائرة المادتین الأولی و الثانیة؟ -من أین استمدت المحکمة السند النظامی لقرارها؟ -هل یمکن لکلمة«محضة»فی المادة(/344أ)،و الزائدة أصلا-کما أثبتنا-أن تنسف صیغ الإطلاق و العمومیة فی المادة الثانیة؟ -هل یجوز لنا أن نستخدمها سلاحا نحشوه بما ننسبه إلیها دون أی معیار أو سند، لنجابه بعض الدعاوی،فنردها و نریح القضاء التجاری منها؟!"