ملخص الجهاز:
"ثانیا-عدم النص علی الجریمة المستحیلة لا یحتم امتناع تجریمها وفق أحکام الشروع: فی ضوء ما سبق فإنه یتعین التسلیم بأن عدم إیراد نص فی التشریع العقابی،لا یعنی استبعاد تجریم فروض الاستحالة من دائرة الشروع کما ینظمه المشرع،فاعتبار صعوبة وضع ضابط محدد للجریمة المستحیلة و علی نحو یمیزها عن الجریمة الخائبة هو الذی دفع عددا من التشریعات إلی عدم التصدی لها،و الدلیل علی ذلک أن المشرع الفرنسی و منذ القانون القدیم قد سلم بذلک،مما استوقف الفقه المدرسی و القضائی منذ ذلک التاریخ البعید حول تحدید المقصود بالجریمة المستحیلة التی لا عقاب علیها،فمثلا،ذهب جانب من أنصار المذهب المادی إلی أن عدم المعاقبة تنصرف إلی جمیع صور الجریمة المستحیلة بحجة عدم النص علیها ضمن صور الشروع الواردة فی المادة الثانیة من قانون العقوبات الفرنسی،و بینا أن هذه الحجة لا یوجد ما یبررها قانونا بالنظر إلی التشابه بین صور الاستحالة و صورة الجریمة الخائبة المعاقب علیها.
و بینا أن هذا الاتخلاف أبرزه أنصار المذهب الشخصی،فالمتقدمون منهم رأوا وجوب المعاقبة علی الاستحالة وفق أحکام المادة الثانیة من قانون العقوبات الفرنسی،و لکن استنادا إلی ضابط دلالة النشاط الإجرامی علی انعقاد عزم الجانی النهائی علی إتمام الجریمة،ثم ظهر رأی فی المذهب الشخصی حاول تأصیل فکرة الاستحالة وصولا إلی القول بأن الاستحالة التی تمنع قیام الشروع هی التی ترجع إلی تخلف رکن أو عنصر من عناصر النموذج القانونی للشروع،و لا یتوافر ذلک إلا فی حالة الاستحالة القانونیة، أما إذا کانت الاستحالة مادیة(أو واقعیة)فهی صورة من صور الشروع المعاقب علیه فی المادة الثانیة من قانون العقوبات الفرنسی(و تأخذ حکم الجریمة الخائبة)."