ملخص الجهاز:
"علی ان هذا الفرق فی الصحافة بین عهدی البداوة و الحضارة انما أتی من التقدم الآلی فی مهنة الصحافة،أو أتی من احتیاجاتها المتزایدة الی الآلات و الکمیات الهبائلة من الورق بحیث تحولت هذه المهنة العظیمة من کونها عملیة رأی أن أصبحت-علی حد تعبیر المیثاق-عملیة رأس مال معقدة.
کانت الصحف فی الماضی تحصل علی هذه النسبة من طریقین هما:الاعلان من جهة،و الأحوال السریة التی تدفعها الأحزاب الحاکمة من جهة ثانیة:و من هنا جاء خضوع الصحف یومئذ لهذین المصدرین من مصادر المال خضوعا وصل فی بعض الاحیان الی حد الشعور بالذل و المهانة.
أما الآن-و فی عهد المسئولیة الاجتماعیة التی نادی بها المیثاق-فقد أصبحت الصحف قادرة علی الحصول علی هذه النسبة من طریقین هما:الاعلان من ناحیة،و الأموال یمکن أن یمدها به الاتحاد الاشتراکی الذی هو المالک الحقیقی للصحف من جهة ثانیة.
و ندع الاخطار المحیطة بالصحافة الی الطرق التی تمارس بها حریة الصحافة: و هنا یقول المیثاق: -ان ممارسة الحریة علی هذا النحو لیست لازمة فقط لحمایة العمل الوطنی.
ذلک اذن هو السبیل الوحید لممارسة الحریة التی تحددت نهائیا بمعنی المسئولیة الاجتماعیة علی النحو الذی شرحناه شرحا وافیا الی الآن.
و حین نخص هذه العلل فی اثنتین هما:الخضوع لسیطرة رأس المال،و فقدان حریة الصحافة-نقول حین فرغ المیثاق من ذلک أصبح علیه أن یقترح العلاج اللازم لهذه العلل و الامراض.
و ننظر أولا فیما قاله المیثاق عن العلاج الأول:«ان ملکیة الشعب للصحافة التی تحققت بفضل قانون التنظیم الذی أکد لها فی الوقت نفسه استقلالها عن الأجهزة الاداریة للحکم قد انتزع للشعب أعظم أدوات حریة الرأی و مکن لها أقوی الضمانات لقدرتها علی النقد..."