ملخص الجهاز:
"و إذا ما صدر قرار الاتهام،فیجب أن یعقبه تحقیق تتوافر فیه جمیع الضمانات التی تکفل اظهار الحقیقة و تجری الشرائع فی نطاق الوطن العربی و خارجه-علی ضرورة إناة الفرصة کاملة للموظف الذی یجری معه التحقیق لکی یبدی أوجه دفاعه و قد التزم القضاء الإداری جانب التشدد فی هذا الخصوص،و أبطل التحقیق فی کثیر من الحالات متی داخله شک فی أن الموظف المحال الی التحقیق قد منح فرصة کاملة فی الدفاع عن نفسه،بل و ذهب المشرع إلی ضرورة اشتراط الدفاع الکتابی فلا یکفی التحقیق الشفهی فی معظم الحالات.
و لکن طریقة التظلم تختلف بحسب طبیعة القرار الصادر فی مجال التأدیب: (ا)فإذا کان القرار الصادر فی التأدیب قد صدر من رئیس فرد فی صورة قرار إداری فإن هذا القرار یخضع لنوعین من إجراءات التظلم: -التظلم الإداری:و ذلک بأن یتظلم الموظف إلی مصدر القرار،و هو ما یسمی«بالتظلم الولائی»،أو إلی رئیس مصدر القرار،و هو ما یسمی«بالتظلم الریاسی»و یجری القضاء الإداری علی تخویل من أصدر القرار و رئیسه حق سحب القرار و تعدیله،لعدم المشروعیة أو لمرجد الملاءمة،دون تقید بالمدة،علی أساس أن القرارات التأدیبیة لا ترتب حقا للغیر بالغیر،و من ثم فان سحبها أو تعدیلها لا یترتب علیه مساس بمراکز الغیر،استثناء من القاعدة التی تقضی باستقرار القرارات الإداریة.
أما بالنسبة إلی طلب التعویض،فان المجلس أقامة علی فکرة أخری و هی«العدالة»،فکأنه استغین عن رکن الخطأ فی المسئولیة،و أقامها علی أساس المخاطر و تحمل التبعة؛فالإدارة حین تضحی بالموظف غیر المخطیء للصالح العام،فإنها تعرضه لمخاطر استثنائیة لأنها تحرمه بذلک من مورد رزقه لا سیما و قد غدت الوظیفة العامة مهنة فی معظم الدول کما أوضحنا فیما سلف و من ثم فان علی الادارة أن تعوضه عن هذه المخاطر الاستثنائیة لتمکنه من مواجهة الموقف الجدید الذی وضعته فیه الإدارة دون خطأ من جانبه،دون حاجة إلی إثبات تعسف الإدارة أو انحرافها و هذا هو مسلک القضاء الإداری الفرنسی حتی الآن."