ملخص الجهاز:
"تجزؤ الاجتهاد اصطلاحا:هو:جریان الاجتهاد فی بعض المسائل دون بعض،و ذلک بأن یحصل للمجتهد ما هو مناط الاجتهاد من الأدلة فی بعض المسائل دون غیرها1،و یطلق علی هذا:المجتهد المقید أو المتجزیء2،فإذا تحصل للعالم فی بعض مسائل الفقه،أو أبوابه،ما هو مناط الاجتهاد من الأدلة النقلیة و العقلیة،و وقف علی کل ما له علاقة بها من العلوم،مثل: الأصول،و مقاصد الشریعة،و غیرهما،و توفرت فیه شروط الاجتهاد فی هذه المسائل،أو هذه الأبواب،فهل له أن یجتهد فیها؛لیتعرف علی حکم الله فیها بالنظر،و الاستدلال؟أو یلزمه أن یقلد فیها مجتهدا مطلقا له القدرة المطلقة علی الاجتهاد فی جمیع أبواب الفقه،و مسائله؟ فی المسألة خلاف بین العلماء3.
و هذه بعض الأمثلة التی تدل علی أن العلماء من الصحابة،فمن دونهم توقفوا فی بعض المسائل،و قالوا فی بعضها:لا أدری،و أحالوا فی بعضها علی غیرهم من العلماء: قال ابن القیم:کان السلف من الصحابة و التابعین یکرهون التسرع فی الفتوی،و یود کل واحد منهم أن یکفیه إیاها غیره،و ذکر أمثلة علی ذلک منها أن عبد الله بن الزبیر،و عاصم بن عمر بن الخطاب أحالا السائل فیها علی (1)مختصر المنتهی و شرحه للعضد:092/2،مسلم الثبوت و شرحه فواتح الرحموت:463/2،و ما بعدها.
قال أصحاب هذا المذهب:إن العالم إذا تحصل له فی بعض مسائل الفقه،أو أبوابه ما هو مناط الاجتهاد من الأدلة النقلیة،و العقلیة،و أحاط بکل ما یتعلق بها من العلوم المساعدة من الأصول،و مقاصد الشریعة، و توفرت فیه شروط الاجتهاد بالنسبة للمسألة التی تعرض لها،لا یجوز له أن یجتهد فیها لیتعرف علی حکم الله تعالی عن طریق النظر و الاستدلال، حتی تکون هذه المنزلة حاصلة عنده فی جمیع أبواب الفقه،و مسائله،بل یلزمه أن یقلد غیره من المجتهدین الذین بلغوا رتبة الاجتهاد المطلق؛لأن الاجتهاد لا یتجزأ."