ملخص الجهاز:
"ثم إن هناک بعض النصوص التی جاءت فی کتب العلماء متحدثة عن سبل الاستدلال ربما أمکن مناقشتها علی ضوء البحث السابق، ومنها النص الوارد عن حجة الإسلام الغزالی فی کتابه «المستصفی من علم الأصول» حیث یقول فی الفن الثالث من القطب الرابع وهو یتحدث عن بیان ترتیب الأدلة: «ویجب علی المجتهد فی کل مسألة أن یرد نظره إلی النص الأصلی قبل ورود الشرع، ثم یبحث عن الأدلة السمعیة المغیرة فینظر أول شیء فی الإجماع فإن وجد فی المسألة إجماعا ترک النظر فی الکتاب والسنة فإنهما یقبلان النسخ والإجماع لا یقبله، فالإجماع علی خلاف ما فی الکتاب والسنة دلیل قاطع علی النسخ إذ لا تجتمع الأمة علی الخطأ، ثم ینظر فی الکتاب والسنة المتواترة وهما علی رتبة واحدة لأن کل واحدة یفید العلم القاطع.
وفی ختام هذا البحث لابد لی من التنبیه علی أمور لها دخلها فی عملیة الاستنباط الصحیح وفق المنهج القویم وربما کانت الإشارة من باب الاستطراد: الأمر الأول من المسلم به أن هذا البون التاریخی الشاسع بیننا وبین عصر النص الشریف حمل معه مضاعفات عدیدة - کما یقول المرحوم الشهید الصدر - «کضیاع جملة من الأحادیث ولزوم تمحیص الأسانید، وتغیر کثیر من أسالیب التعبیر وقرائن التفهیم والملابسات التی تکتنف الکلام ودخول شیء من الدس والافتراء فی مجامیع الروایات الأمر الذی یتطلب عنایة بالغة فی التمحیص والتدقیق، هذا إضافة إلی أن تطور الحیاة یفرض عددا کثیرا من الوقائع والحوادث الجدیدة لم یرد فیها نص خاص فلابد من استنباط حکمها علی ضوء القواعد العامة ومجموعة ما أعطی من أصول وتشریعات، ثم إن الحقیقة الاسلامیة أعطیت منثورة فی المجموع الکلی للکتاب والسنة وبصورة تفرض الحاجة إلی جهد علمی فی دراستها»(1)."